19 أبريل 2025

د. علي موسى الموسوي: آلیات مناھضة العنف والتطرف: رؤية واقعية

1 min read

د. علي موسى الموسوي
الأمين العام للمجلس الدولي للحوار الديني والإنساني

 

تـعتبر ظـاھـرة الـعنف الـدیـني، مـن أبـرز الـظواھـر الـتي أضـحت تھـدد اسـتقرار وأمـن الـعالـم. والـعراق مـن بـین الـدول الـتي عـانـت مـن تـداعـیات ھـذه الـظاھـرة الـتي تـظل دوافـعھا غـامـضة ومـلتبسة، لـتداخـلھا وتـعقدھـا. لھـذا لا یـمكننا رصـد الآلـیات الـكفیلة بـالـمساعـدة عـلى الحـد مـن ھـذه الـظاھـرة، دون رصـد الاخـتلالات الـمجتمعیة والـدیـنیة وأیـضا السـیاسـیة، الـتي تـغذي ھـذه الـظاھـرة، فـي وقـت یـراھـن فـیھ الـمجتمع الـعراقـي عـلى تـنزیـل قـیم السـلم والأمـن الـمجتمعیین. بـعد سنوات الحروب التي أنھكتھ.

ولا یـمكننا الإدعـاء أنـھ بـإمـكانـنا مـجابـة ھـذه الـظاھـرة والـقضاء عـلیھا كـلیا. ذلـك لأن الـعنف، بـاخـتلاف أسـبابـھ، مـرتـبط بـالـطبیعة البشـریـة الـتي یـتنازعـھا الـخیر والشـر. وھـذا مـا یـحول دون انـدثـار ھـذه الـظاھـرة الـتي تـطورت بـتطور الـحضارة الإنـسانـیة. بـل إنـھا اسـتفحلت بـفعل الـطابـع المادي للحضارة الیوم.

فـي الـمقابـل بـإمـكانـنا تـكثیف الـجھود للحـد مـن ھـمجیة الـعنف، والـحیلولـة دون تـطبیع الـنشئ مـعھ. كـي لا یـغدو سـلوكـا عـادیـا داخـل مـجتمعاتـنا الـتي تـعانـي الـیوم أكـثر مـن أي وقـت مـضى مـن تـدمـیر لـقیم السـلم والـتعایـش والـتكافـل. فـیكفي الـشعوب الـیوم مـا تـعانـیھ مـن تـداعـیات جـنون السـیاسـة وتـضارب الـمصالـح. وكـأن الـعالـم لـم یـخبر مـآسـي الحـروب قـبلا وتـداعـیاتـھا الـتي مسـت الـكرامـة الإنـسانـیة، وتـركـت آثـارا نفسـیة واقـتصادیـة واجـتماعـیة، عـلى الأفـراد والـمجتمعات. ولأن الـعنف ظـاھـرة نفسـیة، فـإنـھ قـد یـتغذى مـن سـوء فـھم لـلنص الـدیـني، كـما یـمكن أن یجـد مـبرراتـھ فـي مـا ھـو سـیاسـي واقـتصادي. لھـذا فـالـعنف وبـكل أشـكالـھ وأنـواعـھ یـلتقي عـند عـنف فـكري، یـغذي الـنعرات، مـبررا فـي الآن نـفسھ حـضوره الـمادي. عـنف فـكري اسـتمد مشـروعـیتھ مـن تـداعـیات نـظام عـالـمي جـدیـد أسـس لـمبادئ إنـسانـیة فـي الـظاھـر لـكنھا مـبادئ ھـدمـت أسـس السـلم والسـلام وفـتحت بـاب الـحضارة الإنـسانـیة عـلى قـانـون الـقوة والـصراع لأجـل الھـیمنة. مـا أدى بـالـفكر المتطرف إلى أدلجة الدین واستثماره فیما یعتقده حربا حضاریة على الدین.

مـن ھـنا نـتصور أن الحـلول الـممكنة لـمجابـھة ھـذه الآفـة الـتي تھـدد الـوجـود الإنـسانـي كـكل، وتھدد المجتمع الدولي عموما  والعراقي خصوصا التواق إلى حیاة آمنة وسالمة. ھي في النقاط الآتیة لورقتنا :

*التنشئة الاجتماعیة والتربیة على السلم ومناھضة العنف
*إرساء دعائم ثقافة دینیة جدیدة، تراھن على الحوار والمشترك الإنساني
*المقاربة الحقوقیة/القانونیة لأجل زجر السلوك العنیف.

وھـي الـنقاط الـتي سـنتعرض لـھا بـشكل إطـرادي لـضیق الـوقـت، وتـعذر الـوقـوف عـندھـا بـتفصیل مطلق.

یـعیش الـعالـم الـیوم تـحولات عـدة، جـعلت مـن الـضروري الانـتباه لـلعوامـل الـمغذیـة لـلعنف، والتطرف، والتمركز حول الذات، لدوافع عقدیة وعرقیة، في رفض لامبرر للآخر-المختلف.

لـقد تحـدت تـداعـیات الـعنف الـمأسـاویـة كـل الـجھود الـخیرة. سـاءلـت ضـمائـرنـا، وجـعلتنا نـنتبھ لھشاشة مقومات الحضارة القائمة الیوم.

إن الفشـل الـذریـع لـلمجتمع الـدولـي فـي مـجابـھة مسـببات الـعنف، یـنم عـن غـیاب مـشاریـع فـعالـة لاجـتثات أصـول الـعنف. خـاصـة الـمرتـبط بـالـصراعـات الـدیـنیة والـعقدیـة الـتي تـؤجـج مـشاعـر التطرف والكراھیة.

فـفي الـوقـت الـذي تـأمـل فـیھ إنـسان الـعصر الـحالـي خـیرا مـن الـتقدم الـذي راكـمتھ الـحضارة الـحالـیة، نجـد فـي الـمقابـل أن طـرائـق الـعنف تـطورت، وأخـذت طـابـعا مـتقدمـا، اسـتشرى فـي مجمل الحقول سواء الإعلامیة أو الفكریة أو السیاسیة أو الاقتصادیة.

ولـعل أكـثرھـا تـأثـیرا ھـو الـعنف الـفكري، لـدوره فـي بـنا وعـي جـمعي قـادر عـلى تـبریـر انـحیاز الـذھـنیة الـمتطرفـة لـقناعـاتـھا ومـبرراتـھا لـلعنف وإقـصاء الآخـر وتـرھـیبھ.إنـھا تـراھـن عـلى اسـتقطاب الجـماھـیر مـن خـلال خـطابـاتـھا الـتي تـراھـن عـلى الـبعد الـعاطـفي الـوجـدانـي، كـي یتخـذ عـنفھا طـابـع الـمعقولـیة، خـاصـة عـندمـا یـبرر دیـنیا. تـبریـر تتسـتر وراءه الـمصالـح السـیاسـیة والاقتصادیة في أحایین كثیرة.

لھـذا ضـروري جـدا أن نـنتبھ لأنـماط الـتربـیة، خـاصـة الـتربـیة الـدیـنیة. لأن الـعنف المسـتشري الـیوم یـتغذى بـالخـطابـات الـدیـنیة الـمتطرفـة، الـتي تـمنحھ قـدسـیة، وتـجعل مـنھ وسـیلة لـفرض واقـع. ولا سـبیل لـمواجھـتھ، إلا بـتربـیة الـنشء عـلى قـیم الـتعایـش والسـلم والـقبول بـالآخـر، اسـتنادا إلـى المشـترك الإنـسانـي وھـو الأمـر الـذي أكـدتـھ الـمنظومـة الـقیمیة الإسـلامـیة، انـطلاقـا مـن قـول الله سـبحانـھ وتـعالـى:” ولـقد كـرمـنا بـني آدم”.صـدق الله الـعظیم. ھـذا الـتكریـم یـجعلنا نـؤمـن بـإنـسانـیة الآخـر وبـقیمتھ وكـرامـتھ بـعیدا عـن إشـكالـیة الإنـتماءات الـتي تـحول دون انـفتاح الـذات عـلى آخـرھـا وعـلى تـنوعـھ واخـتلافـھ الـذي یـعتبر سـنة مـن سـنن الله سـبحانـھ وتـعالـى فـي الـكون، یـقول عـز وجـل:”یـا أیـھا الـناس إنـا خـلقناكـم مـن ذكـر وأنـثى وجـعلناكـم شـعوبـا وقـبائـل لـتعارفـوا إن أكـرمـكم عـند الله أتـقاكـم”.صـدق الله الـعظیم. ھـذا الـتأسـیس الـربـانـي لـقیم الـتعایـش والسـلم والـقبول بـالاخـتلاف كـفیل بـرد عـنف الـعالـم كـكل. ولـیس فـقط زجـر الـعنف الـفكري الـذي نشھـده ویـؤسـس لـلكراھـیة والـتطرف ونـبذ الآخـر. لھـذا نـحتاج إلـى نـظم تـربـویـة تـعلیمیة، تـركـز نـعم عـلى أھـمیة الـخصوصـیة الـثقافـیة، لـكنھا تـؤمـن فـي الآن ذاتـھ بـأھـمیة الـتنوع الـثقافـي ودوره فـي إغـناء الـشخصیة الـفردیـة، بـل وتـطویـر الـحضارة الإنـسانـیة، الـتي ھـي فـي الأصـل نسـیج مـتعدد ومتكامل من تنوع ثقافي یجسد الفاعلیة الإنسانیة. ویعكس سنة وعظمة الله سبحانھ وتعالى.

ومـن سـننھ أیـضا عـز وجـل أنـھ جـعل مـھمة الإنـسان فـي الأرض الإعـمار لا الھـدم. والـعنف ھـدم للبناء الحضاري ولإنسانیة الإنسان التي ستظل الھدف والمبتغى.

وھـذا كـان أیـضا ھـدي الإمـام عـلي عليه السلام ، عـندمـا ركـز فـي أوامـره الـتنفیذیـة في عهده لمالك الاشـتر، عـلى ضـرورة احـترام حـقوق الإنـسان، وأن یـعامـل الـناس بـحب وعـطف وبـدون اسـتثناء كـفارا كـانـوا أو مسـلمین:”أشـعر قـلبك الـرحـمة والـمحبة لـھم والـلطف بـھم ولا تـكونـن عـلیھم سـبعا ضـاریـا تـغنم أكـلھم فـإنـھم صـنفان، إمـا أخ لـك فـي الـدیـن أو نـظیر لـك فـي الخـلق.” ھـذه الإنـسانـیة ھـي الـمطلب الأسـاس الـكفیل بھـزم الـفكر الـضیق الـذي یـراھـن عـلى الاخـتلافـات الـعقدیـة والـعرقـیة لـبث شـروره. بـل إن الإمـام عـلي عليه السلام  كـان حـریـصا عـلى صـون حـقوق الأقـلیات أیـضا، مـا یـدل عـلى أن ثـقافـة الإقـصاء والـكراھـیة دخـیلة عـلى السـلوك الإسـلامـي. والـدلـیل قـولـھ عليه السلام :” لـو ثـنیت لـي الـوسـادة لـحكمت بـین أھـل الـتوراة بـتوراتـھم وبـین أھـل الإنـجیل بإنجیلھم وأھل الزبور بزبورھم وبین أھل الفرقان بفرقانھم.”

إنـھ السـلوك الإسـلامـي الـذي یـراعـي كـرامـة الإنـسان بـغض الـنظر عـن انـتماءاتـھ. ولـنا فـي سـیرته عليه السلام خرزخـیر مـثال. فـي الـبر لـلنصارى والـیھود تـمامـا بـمثل بـره بـالمسـلمین مـوالـین كـانـوا أو خـوارج. لھـذا نـحتاج لـتربـیة وتـعلیم یـراھـنان عـلى مـفھوم الـمواطـن/ الإنـسان. كـي نسـد الـطریـق عـلى الـفكر الإقـصائـي الـمتطرف. أن نـعلم الـنشئ أن الـدیـن عـدل وإحـسان وبـر بـالإنـسان لأنـھ مـن روح الله عـز وجـل.یـقول سـبحانـھ وتـعالـى:” وإذ قـال ربـك لـلملائـكة إنـي خـالـق بشــرا مــن صــلصال مــن حــمإ مــسنون فــإذا ســویــتھ ونــفخت فــیھ مــن روحــي فــقعوا لــھ ساجدین”.صدق الله العظیم.

ھـذا الـرھـان عـلى تـربـیة نـشء یـؤمـن بـالـتعددیـة وبـالاخـتلاف وبـالـكرامـة الإنـسانـیة، یسـتدعـي الـمطلب الـثانـي،وھـو إرسـاء دعـائـم ثـقافـة دیـنیة جـدیـدة تـراھـن عـلى الـحوار اسـتنادا إلـى المشـترك الإنـسانـي. أن نـضع شـرط الإنـسانـیة فـي كـل حـوار لـلأنـا مـع الآخـر. عـوض الـتمركـز حـول الانـتماء الـعقدي أو الـطائـفي الـذي یسـتثمره الـفكر الـمتطرف لأجـل إذكـاء نـار الـفتنة والحـروب وتوسیع رقعة العنف.

إن أعـتى أنـواع الـعنف، الـعنف الـمقدس، ذاك الـذي یتخـذ شـكل الـدفـاع عـن الـدیـن أو الـطائـفة. لأنـھ یـأخـذ شـكلا ثـقافـیا، فـیغدو مـقومـا مـن مـقومـات الـثقافـة الـتي تـرى فـیھ وسـیلة لإثـبات وجـودھـا الـحضاري. ومـن ھـنا یكتسـي خـطورتـھ. لھـذا فـلا سـبیل لـمواجھـتھ حسـب رؤیـتنا إلا بـتكریـس مـقومـات أخـلاقـیة-دیـنیة تـتوافـق مـع سـماحـة وتـسامـح الـدیـن الإسـلامـي. وتـصبح ھـذه الـمقومـات أسـاس التنشـئة الاجـتماعـیة.كـي یـدرك الـفرد أنـھ یـعیش حـیاة مشـتركـة، یـوجـد فـیھا الشـبیھ والـمختلف والـمخالـف. وأن یـتجھ الـنسق الـتربـوي إلـى تـعزیـز الـقیم الإنـسانـیة الـنبیلة الـتي تـزكـي الحـریـة الـفردیـة وتحـمي الـوجـود المشـترك مـن الـصراعـات والحـروب. فـطرق الـتربـیة السـلیمة ھي التي تھیئ الفرد للعیش المشترك والفاعلیة المبدعة.

إن الـتربـیة بـناء لـلفرد، وإن لـم ینسجـم ھـذا الـبناء مـع الـفطرة السـلیمة، فـإن الـفكر والسـلوك الإقـصائـیین سـیطبعان حـیاتـنا الـعامـة. وتجـمع كـل الـدراسـات الـسوسـیولـوجـیة، عـلى ضـرورة قـیام مـشاریـع تـربـویـة عـلى مـبدإ الأنـسنة الاجـتماعـیة والـثقافـیة. كـي لا نـقذف بـالأجـیال خـارج مـبادئ التعایش واحترام الحریات. مـن ھـنا أیـضا، كـان مـقترحـنا لـلآلـیة الأخـیرة الـتي راھـننا فـیھا عـلى الـمقاربـة الـحقوقـیة/الـقانـونـیة لأجل الحد من ظاھرة العنف.

مـعلوم أن الـتأسـیس لـلأمـن والسـلم الـمجتمعین، یـقتضي تـربـیة منسجـمة مـع الـقیم الإنـسانـیة الـنبیلة، وأیـضا تـنزیـلا لـقوانـین زجـریـة تحـمي حـقوق الأفـراد. خـاصـة فـي الـمجتمعات الـمتعددة الـطوائـف والانـتماءات. وأول خـطوة تتجـلى فـي الـوعـي بـمفھوم الحـریـة. فھـي لیسـت تحـررا مـن الـقیود والشـروط بـل إن حـریـة الـمواطـن تـعني الالـتزام بـالـقوانـین الـمنظمة لمجـموعـة أفـراد مـختلفي الـمیولات والـنزعـات داخـل الـمجتمع الـواحـد. وھـذا رھـان دولـي أیـضا، لـمواجـھة شـیوع ثـقافـة الـعنف والـكراھـیة ونـبذ الاخـتلاف. لھـذا نـحتاج لـتكثیف الـجھود لأجـل تـنزیـل ثـقافـة حـقوق الإنـسان لأجـل الـقطع مـع الانحـرافـات الأخـلاقـیة والـفكریـة الـتي تـتناقـض مـع طـبیعتنا الـخیرة. مـن ھـنا تـلتقي الـمواثـیق الـدولـیة الـمؤسـسة لـحقوق الإنـسان، مـع الـنصوص الـدیـنیة فـي مـسألـة حـقوق الـناس. بـدءا مـن الإعـلان الـفرنسـي لـحقوق الإنـسان لـعام 1780،وصـولا إلـى الإعـلان الـعالـمي لـحقوق الإنـسان. وھـي الـمواثـیق الـتي تـؤكـد الـبعد الـدیـني والـحضاري لـثقافـة حـقوق الإنـسان. ومـن ثم الطابع الإلزامي لھا.

ھـذا إلـى جـانـب أن الـقوانـین الـزجـریـة تـساعـد الـفرد الـعنیف نـفسھ عـلى كـبح شـروره فـي حـال فشـل الـوازع الأخـلاقـي أو الـدیـني فـي مـساعـدتـھ عـلى تھـذیـب سـلوكـھ الـعنیف. لأن أنـسنة سـلوكـیاتـنا مـرتـبط بـآلـیات تـربـویـة ودیـنیة وقـانـونـیة تحـمي الـمجتمع مـن الـعنف وتـداعـیاتـھ الـمدمـرة لـلبناء الـمجتمعي السـلیم. ثـم إن حـمایـة الـمجتمع مـن الـعنف مـسؤولـیة مـعرفـیة ودیـنیة وقـانـونـیة. تسـتدعـي جھـدا مـضاعـفا تـشاركـیا بـین الـمجتمع الـمدنـي والـحكومـة والـمؤسـسات الـدیـنیة. لأجـل عـراق آمـن یـؤمـن بـالـتعددیـة وحـقوق الإنـسان والأمـن والسـلم. وھـذا رھـان المجـلس الـدولـي لـلحوار الـدیـني والإنـسانـي الـذي یـدعـو بـاسـتمرار إلـى ضـرورة أنـسنة سـلوكـیاتـنا مـن خـلال الـدفـاع عـن الـحقوق والحـریـات لأجـل تـحقیق الـتعایـش وتـنزیـل أخـلاق الـعیش المشـترك الـبناء. لأنـھ لا مـبرر لـلعنف ولـلإرھـاب أیـا كـانـت الـدوافـع والأسـباب. ولأنـھ عـنف یھـدد اسـتقرار الـشعوب فـھو یـحتاج اھـتمامـا أكـبر وتـكثیف الـجھود لـبناء وعـي دیـني جـدیـد نـواجـھ بـھ الـعنف الـبنیوي الـذي تجـذر فـي الـمجتمعات بـفعل الـتھمیش والـفقر والـصراعـات السـیاسـیة والـلاعـدالـة الاجـتماعـیة. وزادت الـثورة الـتكنولـوجـیة مـن حـدتـھ، فـكان الإدمـان عـلى الـعنف والـتطرف والـترویـج لـھما كـرد فـعل عـلى ھـیمنة الـحضارة الـغربـیة الـمادیـة. دون تـمییز بـین سـلبیات الـعولـمة الـتي شـیأت الإنـسان وإیجابیاتھا التي جعلت العالم یتوحد عند المشترك الإنساني والحاجة إلى السلم والأمن.

لـقد قـامـت الأدیـان والـمعتقدات عـلى مـبادئ الـرحـمة والـمحبة والـتعاون عـلى الـصلاح والـبر. لھـذا كـان فـي بـناء الأفـراد عـلى ھـذه الـقیم الـنبیلة تـنزیـل للسـلام الـشامـل الـذي تـأمـلتھ الـتوجـیھات الـدیـنیة الـتي ھـمت الإنـسان بـوصـفھ إنـسانـا. لھـذا كـان الـتسامـح شـرطـا للسـلام وبـدیـلا عـن الـعصبیات المذھبیة والعنصریة البغیضة.

وتـبقى عـقیدة الـعنف، عـقیدة منحـرفـة ولا سـبیل لـمواجھـتھا إلا بـفعل الـتسامـح الـذي یحـمل بـین ثـنایـاه الـرحـمة والـمحبة. إنـھ السـلوك الـحضاري الـكفیل بـتذویـب الاخـتلافـات، لأنـھ واجـب دیـني قـبل أن یـكون واجـبا أخـلاقـیا. سـلوك راھـنت عـلیھ كـل الـدیـانـات والـمعتقدات لـصون الـحقوق والكرامة الإنسانیة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.