19 أبريل 2025

عبد الله امبي: الاتفاق النووي الايراني وتداعياته

الحاج عبد الله امبي
اكاديمي ومحلل سياسي سنغالي 

يعد واحد وعشرين شهرا أو أكثر من المفاوضات الصعبة التي اعقبت التوصل الى الاتفاق الانتقالي في جنيف في نوفمبر 2013 وبعد تمديد المهلة عدة مرات حتى الموعد النهاءي للاتفاق. اعلنت مجموعة القوى الكبرى 1+5الاعضاء الداءمون في مجلس الامن الدولي اضافة الى المانيا التوصل الى اتفاق نهائي مع ايران على برنامجها النووي وينص الاتفاق في مبدأه العام على رفع العقوبات الدوليةعن ايران مقابل تخليها عن الجوانب العسكرية لبرنامجها النووي

يمثل الاتفاق المرحلة الثالثة والاخيرة من المفاوضات بين القوى الكبرى وايران وذالك بعد الاتفاق الانتقالي في جنيف السابق ثم اتفاق الاطار في لوزان/سويسرا ابريل 2015. وكما في اتفاق الاطار,يقوم الاطار العام للاتفاق النهاءي. والذي ضم 159صفحة ما بين وثيقة الاتفاق الاساس وخمسة ملاحق تقنية, على تقييد البرامج النووي الايراني الذي يصر الغرب على ان له ابعادا عسكرية في حين تصر ايران على أنه سلمي,مقابل رفع العقوبات الاقتصادية والمصرفية المفروضة عن ايران بعد التاكد من وفاءها بالتزاماتها بموجب الاتفاق. كما يعزز هذا الاتفاق الاجراءات والضمانات الرقابية الصارمة على الانشطة والمنشات النووية الايرانية ويضع قيودا على مستوى تخصيب اليورانيوم والبلوتونيوم ويحدد عدد اجهزة الطرد المركزي التي تملكها ايران. وبهذا،تامل الدول الغربية زيادة فترة الانذارقبل محاولة ايران صناعة قنبلة نووية،من شهرين في الوقت الحالي كما تقول الولايات المتحدة،الى عام على الأقل،مايوفر وقتا أطول لقيام الولايات المتحدة وحلفاءها باتخاذ اجراءات للحيلولة دون ذالك. وفي حال انتهاك ايران بنود الاتفاق،فثمة مواد تنص على عودة فورية الى العقوبات الدولية والامريكية عليها.

ولن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ،خصوصا الشق الذي ينص على رفع العقوبات الاممية عن ايران،حتى تصدق الوكالة الدولية للطاقة الذرية على وفاء ايران بالتزاماتها الواردة في الاتفاق كافة،وخصوصا ما يتعلق بتطبيق الرقابة الصارمة على انشطتها ومنشاتها النووية،بما فيها بعض المنشات العسكرية. وقد كانت مسألة رفع العقوبات الدولية والامريكية احدى أهم نفاط الخلاف بين الطرفين، ففي حين ارادت ايران ان ترفع فور توقيع الاتفاق النهاءي،فان الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين اصروا على ان يكون رفع العقوبات مرتبطا بدخول الاتفاق حيز التنفيذ وتصديق الوكالة الدولية للطاقة الذرية على وفاء ايران بالتزاماتها وهو ماحدث.

وفي الحقيقة،يمثل الاتفاق على برنامج ايران النووي درسا في فن التوصل إلى تسويات معقولة تحقق جزءا من مطالب اطراف الصراع ومصالحهم،لكنه يمثل من جهة اخرى اقرارا متبادلا بين ايران والولايات المتحدة بفشل الاسلوب والنهج اللذين اتبعهما الطرفان خلال العقود الثلاثة الماضية;فايران تقر بقبولها بالشروط الني نص عليها الاتفاق بسبب عجزها عن الاستمرار في تحمل التكاليف المترتبة على العقوبات الاقتصادية والمصرفية غير المسبوقة الني فرضتها ادارة اوباما والاتحاد الاوروبي منذ عام 2012 والاستنزاف الذي تتعرض له في سورية والعراق واليمن، وهي تقبل بتفوق الاعتبارات البراغماتية القاءمة والمشتقة من منطق الدولة الاقليمية الداخلة في شراكات دولية. اماامريكا،فالاتفاق يمثل اقرارا بان سياستها لاحتواء ايران ومحاصرتها قد فشلت في تحقيق اهدافها، وبخاصة في ضوء الاخطاء الأمريكية الكارثية في منطقة الشرق الاوسط،وخصوصااحتلالها العراق 2003 ودفعه إلى الفلك الايراني وتلكؤها في حل الازمة في سورية واليمن الخ….

وجاء عهد جو بايدن بتوجهات تفكيك بؤر المواجهة التقليدية واحلال الدبلوماسية محل المواجهةوالحصارفي الاونة الأخيرة ولكن الانظمة العربية هي وحدها الني لم تحصل على انجاز ما في ظل هذه التحولات في السياسة الأمريكية: في فلسطين مثلا،فهي منشغلة بكسب امريكا إلى جانبها في الدفاع عن نفسها من حركة الشعوب غير المنظمة التي تحولت بالقمع الى حروب اهلية،حتى وجدت نفسها بعد الاتفاق على مقربة من الموقف الاسراءيلي.والعرب قلقون من ان هذا الاتفاق هو مؤشر لدبلوماسية غربيةامريكية جديدة مع ايران والادارةالامريكية لاتحبذ وضع الاتفاق في سياق تغييرات بنيوية،على هذه الشاكلة.وان فلسفة هذه الدبلوماسية هي تحويل ايران إلى فاعل ايجابي في ملفات المنطقة، هذه الدبلوماسية نتاج سياسة العقوبات التي تعدها الدواءر السياسية الغربية أول قصة عقوبات ناجحة أو من انجح قصص العقوبات،ذالك انها فتحت مسارا سياسيا جديدا.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.