18 أبريل 2025

د.خالد شوكات: لماذا يتعاطف التونسيون مع الروس!؟


د.خالد شوكات

لماذا يتعاطف التونسيون مع أُمَّة كبيرة ذات نزعة حربية إمبريالية بينما هم أمة صغيرة ذات نزعة مسالمة وانكفائية، ولماذا هم مولعون بهذا القيصر الديكتاتور ويريدون مثالا مصغّرا له في بلادهم، بينما يخذلون أُمَّة ناشئة مثلهم ذات نظام ديمقراطي حرّ!؟
هل لأن التونسيين كجزء من الأمة العربية الاسلامية لديهم هذا الحلم الدفين باحياء إمبراطوريتهم ذات الصلة بالفتوحات المتواصلة وإخضاع الشعوب المحيطة بها وفرض ارادتها على من حولها من الضعفاء، كما يريد الرئيس بوتين اليوم احياء أمجاد روسيا القيصرية والسوفياتية القائمة على الحروب التوسعية المتواصلة؟
أم هل أن للامر صلة بانشداد التونسيين الى زمن الحرب الباردة حيث كان الرئيس عبد الناصر رمز الوحدة العربية يخوض حروبه ضد الصهيونية والامبريالية الغربية مدعوما بالمعسكر الشرقي والحليف السوفياتي؟
ربمّا يكون للامر صلة كذلك بالموقف الضدي، حيث تعود العرب والتونسيين منهم الاصطفاف الى أي قوة تطرح نفسها عدوّاً للولايات المتحدة والغرب، مثلما هو حال موقفهم من نظامي صدام والاسد، على الرغم من ان تونس لم تغادر يوماً الفلك الامريكي والغربي، وعلى الرغم من ان التونسيين كانوا مدعومين غالبا بالامريكان والاوربيين في جميع معاركهم الكبرى: التحرر الوطني وبناء الدولة وإقامة الديمقراطية؟
هل يتصل الحال بمقولة العلّامة ابن خلدون الذي قال ان المغلوب مولع باستمرار بالاقتداء بالغالب، ومن هنا إعجابهم بالقوّة العسكرية الضاربة وولعهم بالطغاة والمستبدّين وتعاطفهم معهم؟
أليست أوكرانيا أولى بمساندة التونسيين، لكونها تشبههم أكثر من حيث كونها بلد وجد بين الكبار يكافح من اجل حقه في تقرير المصير والاستمرار بهويته الذاتية المستقلة في مواجهة محاولات الكبار إخضاعه لمشيئتهم ورؤيتهم ومصالحهم، وبناء دولته الديمقراطية؟
لماذا لا يهتم التونسيون بطبيعة النظام السياسي، حيث يصر الأوكرانيون وهم في غمرة الحرب على التمسك بنظامهم الديمقراطي التعددي رغم هناته، حيث توجه الرئيس زيلينسكي ونوّاب البرلمان نساء ورجالا الى جبهة المقاومة، بينما انتكس الروس الى نظام حكم فردي تسلّطي يقود قيصر شاهيته لا تكفّ عن شراهتها في الحكم والتوسع والقمع.. أليس الأكثر منطقية ان يتعاطف التونسيون مع الديمقراطية الاوكرانية الناشئة أم ان هشاشة عقلهم الديمقراطي قلبت مقاييسهم ونظرتهم لقضايا العالم والمنطقة؟
ثمّةَ شكيزوفرينيا جماعية مستعصية على الفهم؟ وثمة عمل اصلاحي في اعادة بناء الفكر الوطني والتمكين للقيم الديمقراطية لا بد ان يحدث لكي تستقيم الامور وينتصر العقل الحداثي والمنطق المدني السلمي!؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.