الراحل الكبير الأستاذ الشاذلي القليبي في حوار قبل خمس سنوات من وفاته
1 min read
الراحل الكبير الأستاذ الشاذلي القليبي في حوار قبل خمس سنوات من وفاته:
•وصيتي إلى الشباب أن لا يغتروا بما يقوله أصحاب العصبيات التي تفسد ولا تصلح
كان لي بالراحل الكبير الأستاذ الشاذلي القليبي علاقة قوية حيث كان يصر- يرجمه الله رحمة واسعة- على التواصل معه عن طريق زياراتي الودية إليه في منزله بقرطاج بيرصا، وعبر الهاتف والجريدة والمجلة والكتاب.. كان الرجل متواضعا جدا وخلوقا وفاضلا بأتم معنى الكلمة- وكان في جلساته- معي ومع غيري يستمع أكثر مما يتكلم، وهو الهادئ الرصين ومساعدته لي في الأوقات العصيبة وأيام المحن والشدة، وهو الفاعل للخير بلا من.. وكلما طلبت منه تصريحا صحفيا قصيرا أو حوارا طويلا للنشر في تونس أو في الخارج، كان يلبي بسرعة ولم يرفض لي طلبا.. قامت بيننا صداقة متينة أعتز بها، وقد شرفني بكتابة مقدمة جميلة لمجموعتي الشعرية السادسة “مطر على قرطبة”.. وفي كل لقاءاتي معه كنت أستفيد كثيرا من معارفه الغزيرة ومن لغته العربية الأنيقة، وكنت أبادل احترامه وتقديره لي باحترام أكثر وتقدير أكبر.. إنه المناضل السياسي والثقافي، والمربي والكاتب والمفكر والإعلامي.. والعروبي الأصيل الذي تحركت جامعة الدول العربية في عهده تحت رئاسته باستقلالية كاملة، رغم مرارة الواقع العربي الرديء والمتردي والمأزوم وتناقضاته..
وخلال معرفتي به على مدى عدة عقود، أجريت مع الأستاذ الشاذلي القليبي حوارات صحفية كثيرة تستحق أن تصدر في كتاب، اخترت منها الحوار التالي الذي يعود تاريخه إلى شهر جويلية 2015 أي قبل خمس سنوات من وفاته، وكأنه أجري الآن. تنشره “المصير”، للوفاء والذكرى، وتقديرا لهذه الشخصية الفذة والعظيمة:
إصلاح التعليم
* تقع في تونس، بين الحين والآخر، استشارات من أجل إصلاح المنظومة التربوية. أنتم كمُرب قديم في رأيكم كيف يمكن أن يكون هذا الإصلاح؟
- مسؤولية الإصلاح هذه، من صلاحيات القريبين إلى العمل التربوي، بالمباشرة أو بالإدارة أو بالنضال النقابي. أما الذين ينظرون عن بعد- ولو أنهم انتسبوا في الماضي إلى سلك التعليم- فالواجب يخولهم الإسهام بالرأي، في المسائل المبدئية التي توجه عملية الإصلاح، دون دخول في التفاصيل.
وفي مقدمة المبادئ بيان وظائف التعليم في مختلف درجاته، وتنوع مجالات. فالتعليم، عامة، ينبغي أن يُهيئ الجيل الصاعد ليكونوا أعضاء صالحين في المجتمع. والصلاح يعني أمورا كثيرة.
فالمتعلم، يكون، في آخر مشواره، عضوا صالحا في المجتمع، بشروط. أولها أن التعليم الذي تلقاه يمكنه من القيام بعمل نافع له، وللمجموعة الوطنية.
ومعنى ذلك أنه صار قادرا على الإسهام في سد بعض ما يحتاج إليه المجتمع، في مجال ما. وذلك يقتضي أن يكون التخطيط قد اعتبر ضرورة الإنسجام بين حاجات البلاد ومناهج التعليم، حتى لا يكون مآل الخريجين البقاء على هامش المجتمع. هذا هو العامل الاقتصادي الذي به يدخل الفرد في المجموعة التي ينتسب إليها.
ومن شروط صلاح المتعلم، عند خروجه، أن يكون قد أعد للإنصهار في المجموعة الوطنية، لغة، وثقافة، ولكن أيضا إيمانا بأن من واجبه أن يكون دوما في خدمة الصالح العام. وهو العامل الحضاري، ويخص انتساب افرد إلى المجموعة الوطنية، فلا يكون نشاز بينه وبينها في الذهنية، أو في النظر إلى المستقبل، أو في الانتماء إلى التراث الوطني.
ومن شروط صلاح خريجي التعليم، أيضا، أن يكونوا قد اكتسبوا، خلال مدة تعلمهم، تفتحا على معاني الحداثة، ومعلومات صحيحة، عن تراثهم الحضاري وعن دينهم، تجعلهم في اعتزاز بالأصول، وعلى يقظة مما أُقحم فيهما من أباطيل، أو من سلوكيات تنافي الأخلاق الإسلامية السمحة.
فالمتعلم ينبغي أن يكون، عند خروجه، قد حصل على معلومات معينة، حسب المجال، ولكن ينبغي أن يكون أيضا قد اكتسب “ثقافة” اجتماعية تمكنه من حسن التصرف.
ميثاق وطني للجميع
* ما هو تقييمكم للأوضاع الراهنة في تونس وكيف في نظركم تتغلب على أزماتها المتعددة التي تعاني منها حاليا؟
- الوضع الذي خلفته عملية سوسة يحتم اتخاذ تدابير وقائية- دفاعا واحتياطا- غير عادية. كما ذكر ذلك الرئيس الباجي قائد السبسي. ومما يقوي مفعول هذه التدابير أن تحظى بمساندة أغلبية الأطياف السياسية والاجتماعية، لأنها تتعلق بأمن البلاد، وبمستقبل المجتمع التونسي.
ومما يتأكد إنجازه، في العلاقة بين الحكومة والمجتمع المدني، في هذا الصدد، أن يكف الجميع عن الخوض في الخلافات الشخصية، والخصومات الحزبية، لأن المهدد، اليوم، أعم وأعظم، من التفاصيل المختلفة بشأنها، إذ به قِوام الحياة الاجتماعية، والأنشطة السياسية.
وهذا التضامن بين السلطة التنفيذية وأصحاب الرأي ضروري للحفاظ على ما شهد به التاريخ- القديم والحديث- لتونس، من تماسك اللحمة، واعتدال التصرف، والتفتح الدائم على الأفضل.
والمطلوب اليوم، لتحصين تلك المكاسب، أن يقف التونسيون، كافة، “كالبناء المرصوص”، في وجه كل من يحاول زعزعة أمن البلاد، أو زرع بذور الفتنة بين أبنائها.
ولما كانت مهمة الأحزاب الوطنية والمنظمات الاجتماعية تشمل الدفاع عن هذه القيم الحضارية المحورية، فقد يكون من المتأكد أن تُعلن جميعا ميثاقا تلتلزم به، ويبين معالم الطريق، من هنا فصاعدا، ويجعل خطوطا حمراء على كل ما من شأنه أن يُخل بأخلاقيات هذا الميثاق.
والتعبئة اللازم تنظيمها، ينبغي أن تشمل جميع المجالات، لا السياسية والاجتماعية فحسب، أعني أن الدفاع عن تونس الاعتدال والتفتح والرقي الحضاري، من واجبات أوولي الشأن الديني، وأهل الفكر والثقافة، في مختلف أنحاء البلاد.
بذلك يكون الرأي العام، بصورة متواصلة، على بينة من كل الأمور الهامة، فيكون المواطنون جميعا- “حماة الحمى”- أي من حماة البلاد، يذودون عن مكارم دينهم، ويكافحون من أجل استقامة مجتمعهم.
تحصين الثقافة التونسية
* بعد استقلال البلاد قمتم بجهود كبرى لبناء ثقافة وطنية، أصيلة ومتفتحة، لكننا نرى اليوم أن ثقافتنا مهددة بعوامل كثيرة، فكيف يمكن تحصينها في عالم مضطرب ومتغير؟
- الثقافة التي أرادتها تونس منذ استقلالها هي التي تقاوم التخلف، وتفتح الأذهان للفكر النير، وتهيئ العقول للإجتهادات المستقيمة، وتبرئ الأذواق من الرطانات اللافنية.
ثم أيضا- وربما بالأولوية- ثقافتنا التونيسة هي التي تعيد الربط مع النهر العظيم الآتي من أبعاد تاريخنا، في مختلف مراحله، وخاتمتها مرحلة الحضارة العربية الإسلامية. ويحق الاعتزاز بالإنتماء إليها إذ هي التي آلت إليها قيادة الركب الحضاري قرونا متوالية، في المدينة، ودمشق وبغداد وقرطبة والقيروان، وسائر بلاد المغرب العربي الكبير.
وثقافتنا التونسية التي يُضرب بتفتحها الأمثال، هي التي، مع الحفاظ على أركان الذاتية الوطنية، تتناغم مع اجتهادات العصر الفكرية، وما يظهر في العالم من إبداعات فنية وثقافية.
ففي سياق هذه الأريحيات الحضارية، ينبغي لنا اليوم أن ننهض بثقافتنا التونسية، لتواصل إبداعاتها، خدمة للمجتمع، وصيانة لقيمه التي عرف بها- واستجابة لما دعت إليه الثورة.
* في خاتمة كتابكم الجميل “أضواء من الذاكرة: الحبيب بورقيبة”، أبرزتم العلاقة المتينة بين الماضي والحاضر، وتساءلتم: “ألم تكن ثورة شباب سيدي بوزيد، بشكل ما، صدى بعيدا لهذه الروح النضالية الفريدة التي تميز بها الحبيب بورقيبة أيام شبابه؟”، فما هي الرسالة التي أردتم توجيهها إلى الشباب بذلك؟
- ما كنت بصدده، عن الثقافة، والأريحيات العالية التي ينبغي أن تستنير بها، هو متوجه إلى المجتمع، بأسره، لكنه يهم الشباب، بصورة خاصة، لأن تكوين الشباب إعداد لما يكون عليه الغد.
وأذكر هنا قولة الخليفة الفذ عمر ابن الخطاب، إذ نبه الآباء إلى طريقة تربية أبنائهم. فمن رأي عمر أن الشباب أبناءنا اليوم- سيعيشون في ظروف غير التي شهدناها نحن الآباء. ولذا يتعين أن تكون تربيتنا لهم جامعة بين المبادئ الثابتة، وبين فتح السبل لما قد يتغير، بمرور الزمان، وتبدل المكان، وتطور العقليات.
واليوم يحتاج شبابنا إلى تثبيت مرجعيات أخلاقية، على ضوئها يواجهون المهمات، ولكن يحتاجون أيضا إلى اجتهادات جديدة تفتح لهم سبل المستقبل.
أما المرجعيات التي أُوصي بها، اليوم، فتخص جواهر حضارة الإسلام التي غابت عن أغلب الدعاة إلى إحياء تعليمه. فمن فضائل الإسلام أنه دين وحضارة، ومناقب أخلاقية، وطاعة لله فيما يقومون به من إبداعات بها أشرقت شمس حضارته على العالم.
فوصيتي إلى الشباب أن لا يغتروا بما يقوله أصحاب العصبيات التي تفسد ولا تصلح، وأن يكونا دوما واثقين أن الإسلام دين عبادة وأخلاق وحضارة، وأن القتل، في نظر الإسلام، بخطورة القضاء على الناس جميعا، وأن لا إكراه في الدين، وأن ما سمي بـ”التقوى” إنما هو اتباع لتعاليم معينة، وجملة من الخصال، تتلخص فيما يعبر عنه القرآن بـ”الإحسان”، وأن الإسلام يدعو إلى العناية بالحياة- عالم الشهادة- كأنها دائمة أبدا، كما يوصي بالتفكر في الآخرة، كأنها ستحل غدا.
وهذا الجمع بين عالمي الغيب والشهادة، هو الوتر المشدود بين الحاضر والغيب، بين الحضارة والدين، ويفرض التزام “القوام” الذي يعني، في لغة القرآن، الإتزان والاعتدال في الأمور كلها، واجتناب الغلو ولو في الأمور الدينية.
معاني الإسلام
* في كتابكم الرائع “أمة تواجه عصرا جديدا”، قلتم: “إن الإسلام، من التطرف والإنغلاق والأعمال العدوانية براء فهو، في حقيقة الاجتهاد وإعمال العقل، ودعوة إلى السلام، والذين ينشرون عنه صورة مريبة، يذهبون، في دراستهم له، مذاهب تجانب الروح العملية، ولكنهم يجدون تأييد جماعات متخلفة، في فهمها للإسلام قرآنا وسنة، أخلاقا وفكرا”.
في رأيكم كيف نقنع شباب اليوم بذلك، في الوقت الذي تيعرض إليه الإسلام إلى أبشع طرق التشويه وأشنعها؟
- من واجبات المجتمع أن يوجه برامج التعليم- في كل المستويات- إلى إكساب معلومات، وإلى تلقين حقائق عن الحضارة الإسلامية، للتحصين عن الدعايات الخاطئة المخطئة، التي تجعل من الإسلام دين عسر، وتكفير، وقتل، وتقهقر.
فهذه من بقايا عصور الإنحطاط. أما الإسلام الأصلي، الذي ابهرت به أمم كثيرة، فهو يجعل العقل في محور الأمور الدينية والشؤون الدنيوية، ويدعو إلى الاجتهاد فيهما معا، في كل المجالات، ويفرض نشر العدل والمساواة، وإقامة نُظم التضامن الاجتماعي والاقتصادي، ويأمر بالشورى بين الحاكم ومنظوريه، وهو الدين الذي أعلن أن لا إكراه في الدين، وأن سلامة عقيدة كل شخص إنما هي من علم الله، وحده، لا يجوز لأحد الشك فيها، إذا ما نطق المسلم بالشهادتين.
فمن واجبات التعليم أن يكسب الشباب ثقافة تجعلهم موقنين بأن الإسلام يدعو إلى الجمع بين الدين والحضارة، عروة وثقى لا انفصام لها- أي هو يحض على قيم أخلاقية ومجتمعية وحضارية هي التي تتضمنها الحداثة.
فتنة العصر
* نرى العالم العربي والإسلامي، ومنه تونس، تعصف به دوامة الإرهاب وأخطار. فكيف وصل العرب والمسلمون إلى هذا الوضع المؤلم؟ وكيف يحمون وجودهم من هذا الإرهاب المتربص بهم ومن الجماعات الدموية العنيفة؟
- الإرهاب فتنة هذا العصر. نعم تشمل دولا عديدة. لكن لا نملك أن ننفي مسؤوليتنا، نحن العرب، عن أسباب كثيرة أدت إلى نشر هذه الفتنة.
وحسب “منظرين” عرب، هذه الفتنة من تدبير خصوم القضايا العربية، يأتمرون دوما بأمن دولنا. لكن من الحكمة أن نعي أن مفتاح هذه المشكلة بأيدينا، أعني علينا أن نجعل برامج التعليم تلقن الشباب الطالع حقيقة دينهم، وأنه حضارة وأخلاق، وثقافة وفكر نير، في خدمة عقيدة هي خلاصة الرسالات السماوية، في نقاوتها وسموها، بما يسرته من نهوض ومن رقي، ومن إبداع.
وإلى جانب الوسائل الأمنية الضرورية لمواجهة الأعمال الإرهابية، فتلقين شبابنا هذا الأسلوب في الدفاع عن دينهم وعن حضارتهم، هو الذي من شأنه أني قي مجتمعنا غائلات المستقبل، ويهيئ له الطاقات الفكرية التي تحصنه ضد التيارات الظلامية.
انخرام المجموعة العربية
* حسب خبرتكم الطويلة في الشؤون العربية والدولية، لماذا تراجع التضامن العربي كثيرا وما هي وسائل إنقاذ الأمن القومي العربي من الانهيار وبعد خمس سبعين سنة من تأسيس جامعة الدول العربية هل مازال لها معنى ودور؟
- المجموعة العربية- التي أرادها أسلافنا- انخرمت أركانها، لأسباب كثيرة، نُجمل بعضها فيما يلي:
• الخطأ المبدئي كان في تحديد الأولويات: فقد وقع التركيز على العلاقات بين الدول العربية، وأهمت قضية النهوض الحضاري- أي العلاقات بين الشعوب- أو بين المجتمعات.
• وانخرمت العلاقات بين الدول، مدة طويلة، لانقسام الصف العربي إلى شقين، أحدهما متشيع إلى العالم الاشتراكي، والآخر مرتبط بما سمي بالعالم الحر.
• ومن أسباب هذا الإنخرام أيضا، تطلع البعض إلى الزعامة “القومية”، وانكماش البعض عن التعاون في المجالات الحضارية، بدعوى أنها من الأمور الخاصة، وتهم السيادة الداخلية، ولا يجوز النظر فيها إلا لأهلها.
• ومن الأسباب التي شوشت العلاقات البينية انزلاق البعض إلى خلافات مع الأجوار، والدخول أحيانا في صراعات- أو في حروب- شغلتهم عن القضايا الجوهرية.
وغير مُجد- “في ملتي واعتقادي”- أن يتواصل العمل بالشكل الذي آلت إليه الأمور.
والرأي عندي أن ما بدأت به دولنا، في آخر السبعينات وأوائل الثمانينا، من إعداد للتكامل الاقتصادي بينها، هو الطريق الصحيح- وقد انقطع الاستمرار في هذا النهج لأسباب مختلفة- على أن يُضاف إلى التكامل في المجالات الاقتصادية التجانس في القضايا الحضارية، حتى يكون النهوض الثقافي والفكري والمجتمعي متضافرا مع التطور الاقتصادي.
ولا بد كذلك من توسيع التكامل إلى العلاقات الخارجية، لتكون على شبه التجانس، أو ما يقارب التكامل.
القضية الفلسطينية
* أي مصير للقضية الفلسطينية بعدما دخلت في نفق لا يعرف أحد كيف الخروج منه؟
- كان لتونس، في عهد الرئيس بورقيبة، نظرية تتعلق بالحل النهائي. فلم يُقبل رأيه، وفات الزمان الذي كان فيه يمكن الأخذ به. أما اليوم فالحل مرتبط بأمور لا مناص منها:
أن تعي الولايات المتحدة مسؤوليتها الجسيمة في كل الأمور المتعلقة بهذه القضية.
أن يكون للملإ الدولي عزم على محاسبة الحكومة الإسرائيلية لعدم انصياعها للشرعية الدولية.
أن يفهم المجتمع الإسرائيلي ضرورة الكلمة الفصل من طرفه، في خصوص إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
والرأي أنه من واجبات المجموعة العربية أن تعمل من أجل تحقيق هذه المسائل الثلاث. وأما واجب الفلسطينيين فأن يكون صفا واحدا، وأن يتكلموا بصوت واحد بلغة واحدة، وأن لا يهتموا إلا بجوهر قضيتهم. ومن مسؤولية الدول العربية، تجاه القضية، العمل من أجل توحيد الصفوف الفلسطينية، وأن تمد أولي الأمر، في الساحة الفلسطينية، بكل المساعدات- الاقتصادية والاجتماعية والسياسية- حتى لا يكونوا في حاجة إلى العون الأجنبي.
لكن- وهذا ربما الأهم- من مسؤولية المفكرين في الوطن العربي إعداد مقترحات مبدئية لمعالجة القضية، وللنهوض بالعمل العربي المشترك، بما يضمن له النجاعة.
مرجعيات جوهرية
* في رأيك ما هي أبرز ما يهدد العرب والمسلمين من أخطار، حاضرا ومستقبلا؟
- أهم ما يساعد على إنشاء مصير كريم للشعوب العربية- دولا ومجتمعات:
إنهاء الفتنة الحضارية التي يُعانون منها- والتي تخدم مصالح الخصم الصهيوني.
والتصدي لإنهاء حالات الفقر الصارخة في الفضاء العربي، وقاية للكرامة العربية.
الاتفاق على مرجعيات جوهرية فيما يخص المصالح البينية والعلاقات الخارجية، حتى لا تكون دولنا شيعا وفرقا، فتكون قلوبنا شتى.
الاتفاق على إصدار التعليمات الجماعية بتسهيل سبل التعاون البيني، في كل المجالات المتعلقة بالتعليم والبحث العلمي، والصحة والثقافة.
اللغة العربية
* نعرف دفاعكم القوي عن اللغة العربية الفصحى، ألا ترون أنها أمام تحديات كثيرة تهددها، من ضمنها اللهجات المحلية والعامية؟
- مستقبل اللغة العربية بأيدي ساسة الشعوب العربية. فلا بد للمسؤولين السياسيين من الاقتناع بأن “اللغة العربية” جديرة بأن يتقنها ساسة القوم، وأن ذلك من ضمن مقومات الجدارة السياسية والاجتماعية. وذلك يعني إنهاء الظن الشائع بأن الفصحة يعسر على أهل السياسة أن يحسنوا استعمالها، وأن لهم أن “يكسروها” كما يتفق.