د. خالد شوكات: واقعيون وسطيون..ولكننا مبدئيون ديمقراطيون!؟

د. خالد شوكات

جميع من تعلقت بهم من مفكّرين وزعماء وساسة مصلحين كانت تجاربهم في الاصلاح والحكم صعبة ومريرة وقاسية..رغم انهم كانوا من مدرسة الواقعية والوسطية والاعتدال.. وادركت من خلالهم أن الاصلاح أصعب وظيفة يمكن ان يتصدى لها الانسان في الحياة.. وان المصلحين معرضون دائما لسوء فهم شعوبهم ومكائد ومؤامرات وافتراءات من تتعارض مصالحهم مع الاصلاح وما اكثرهم وما أقواهم.. ولهذا غالبا ما لا يفهم المصلحون الا بعد رحيلهم عنا.. وقلة منهم عرف الاعتراف بمنجزه في حياته..

هؤلاء الذين تأثرتهم بهم، من قبيل خير الدين باشا، أو الشيخ عبد العزيز الثعالبي، أو الاستاذ احمد بن صالح، او الاستاذ محمد مزالي، او الاستاذ الباجي قائد السبسي، رحمهم الله جميعاً، كانوا واقعيين، اي انهم لم يرفضوا الواقع على معايبه ولم يعتزلوه ولم يزايدوا على غيرهم في دين أو وطنية، وانخرط جلهم في تجارب حكم في سياقات صعبة وربمّا تخالف قناعتهم، لكنهم كانوا في نفس الوقت مبدئيين، بمعنى انهم لم يفقدوا البوصلة وهم يخوضون تجاربهم السياسية، وحاولوا ما استطاعوا تحسين شروط الواقع الذين يعيشونه حتى يستوعب اكبر قدر من الاصلاح الذي يريدونه.. وعلى رغم من مرونتهم فقد وجدوا عنتاً في تمرير افكارهم الاصلاحية وتنفيذ مشاريعهم التنموية، وانتهى غالبيتهم نهايات حزينة تدمي القلب..
لقد كانت سير هؤلاء ملهمة لنا في تجربة الحكم القصيرة التي مررنا بها، وواجهنا فيها افتراءات لا تصدق من الأقرباء والاصدقاء قبل الخصوم والاعداء، وما تزال ملهمة دائما تهوّن علينا صعوبات المسار الاصلاحي والانتقال الديمقراطي وتحدياته التي لا تنتهي، وعندما نتذكر محنهم تهون علينا محننا..وعندما نستحضر منهجهم في الواقعية المبدئية يساعدنا ذلك على اعادة بناء الذات وترتيب الاولويات والصمود في وجه الانكسارات والانتكاسات.. على نحو يجعلنا دائما في خط الاعتدال دون تفريط في ثوابتنا في الديمقراطية والتنموية والهوية الحضارية لبلادنا وشعبنا وأمتنا.
وأعيد هنا عناوين منهجنا الرئيسية مثلما تعلمتها مباشرة من سي محمد مزالي، لكل من يريد مرافقتنا في وظيفة الاصلاح المستمرة:
– نحن مسلمون ولسنا اسلاميين
– نحن عربيون ولسنا قوميين
– نحن اجتماعيون ولسنا شيوعيين
– نحن ديمقراطيون ولسنا استبداديين
– نحن دساترة وطنيون إصلاحيون وسطيون معتدلون