28 ديسمبر 2024

مع كتاب الباجي قائد السبسي “الحبيب بورقيبة المهم والأهم” في طبعته الأصلية بالفرنسية

1 min read

د‭. ‬أحمد‭ ‬الطويلي

نشر‭ ‬المرحوم‭ ‬الباجي‭ ‬قائد‭ ‬السبسي‭ ‬كتابه‭: ‬Habib Bourguiba‭, ‬le bon grain et l’ivraie‭ ‬عن‭ ‬دار‭ ‬الجنوب‭ ‬للنشر‭ ‬بتونس‭ ‬سنة‭ ‬2009‭ ‬قبل‭ ‬زهاء‭ ‬سنتين‭ ‬من‭ ‬الثورة،‭ ‬في‭ ‬516‭ ‬صفحة،‭ ‬خصص‭ ‬فيه‭ ‬24‭ ‬صفحة‭ ‬للصور‭ ‬التوثيقية‭ ‬جلها‭ ‬عن‭ ‬الزعيم‭ ‬الحبيب‭ ‬بورقيبة‭ ‬وعن‭ ‬العهد‭ ‬الذهبي‭ ‬للديبلوماسية‭ ‬التونسية‭ ‬وأعلماها‭ ‬من‭ ‬البورقيبيين‭ ‬الخلص،‭ ‬والوطنيين‭ ‬الأحرار‭ ‬الصادقين‭ ‬الذين‭ ‬غيروا‭ ‬مجرى‭ ‬التاريخ‭ ‬التونسي‭ ‬حسب‭ ‬عبارة‭ ‬المؤلف‭ ‬أمثال‭ ‬محمود‭ ‬الماطري‭ ‬وعلالة‭ ‬البلهوان‭ ‬والطاهر‭ ‬بن‭ ‬عمار‭ ‬والمنجي‭ ‬سليم‭ ‬والباهي‭ ‬الأدغم‭ ‬وأحمد‭ ‬التليلي‭ ‬والحبيب‭ ‬الابن‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المؤلف،‭ ‬الشخصية‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬الكتاب،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬صور‭ ‬عن‭ ‬أحداث‭ ‬تاريخية‭ ‬مصيرية‭ ‬مثل‭ ‬القمم‭ ‬الرئاسية‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬فيها‭ ‬الزعيم‭ ‬الحبيب‭ ‬بورقيبة‭ ‬بدور‭ ‬إنساني‭ ‬لتوجيه‭ ‬السياسة‭ ‬العربية‭ ‬أو‭ ‬نقدها‭ ‬مثل‭ ‬قمة‭ ‬فاس‭ ‬وزيارات‭ ‬رؤساء‭ ‬عرب‭ ‬وغيرهم‭ ‬لتونس،‭ ‬وهي‭ ‬صور‭ ‬تمثل‭ ‬صفحات‭ ‬مجيدة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭.‬

فالكتاب‭ ‬شهادة‭ ‬الباجي‭ ‬قائد‭ ‬السبسي‭ ‬عن‭ ‬عصره،‭ ‬عن‭ ‬الزعيم‭ ‬بورقيبة‭ ‬أساسا‭ ‬وعلاقة‭ ‬المؤلف‭ ‬به،‭ ‬فئن‭ ‬كان‭ ‬الكتاب‭ ‬ترجمة‭ ‬للرئيس‭ ‬بورقيبة‭ ‬كما‭ ‬بالعنوان،‭ ‬فهو‭ ‬أيضا‭ ‬وخاصة‭ ‬ترجمة‭ ‬ذاتية‭ ‬للمؤلف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬علاقته‭ ‬الحميمية‭ ‬به،‭ ‬والحقائب‭ ‬الوزارية‭ ‬التي‭ ‬حملها،‭ ‬والمسؤولية‭ ‬الحزبية‭ ‬التي‭ ‬اضطلع‭ ‬بها،‭ ‬وهي‭ ‬كذلك‭ ‬شهادات‭ ‬ثمينة‭ ‬عن‭ ‬رجال‭ ‬ونساء‭ ‬ساهموا‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭ ‬وهم‭ ‬بالخصوص‭ ‬أحمد‭ ‬التليلي‭ ‬والطيب‭ ‬المهيري‭ ‬والباهي‭ ‬الأدغم‭ ‬وعلي‭ ‬البلهوان‭ ‬والهادي‭ ‬نويرة‭ ‬وراضية‭ ‬الحداد‭ ‬وزوجتي‭ ‬الرئيس‭ ‬مفيدة‭ ‬ووسيلة‭ ‬ودور‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬الوقوف‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬صعبة،‭ ‬والثانية‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭.‬

وفي‭ ‬الكتاب‭ ‬معلومات‭ ‬مفيدة‭ ‬عن‭ ‬ولادة‭ ‬المؤلف‭ ‬في‭ ‬سيدي‭ ‬بوسعيد‭ ‬وطفولته‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬باب‭ ‬سويقة‭ ‬ونشأته‭ ‬في‭ ‬حمام‭ ‬الأنف‭ ‬ودراسته‭ ‬بالصادقية‭ ‬ثم‭ ‬بفرنسا‭ ‬حيث‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬الإجازة‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬سنة‭ ‬1952،‭ ‬وابتدأت‭ ‬علاقته‭ ‬بالزعيم‭ ‬بورقيبة‭.‬

وقد‭ ‬أرخ‭ ‬الباجي‭ ‬لأحداث‭ ‬عايشها‭ ‬وساهم‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬وزيرا‭ ‬للداخلية‭ ‬أو‭ ‬ويزرا‭ ‬للخارجية‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬بتونس‭ ‬وبناء‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬وعلاقة‭ ‬تونس‭ ‬بالجزائر‭ ‬والمغرب‭ ‬وليبيا‭ ‬والعراق‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭. ‬ومن‭ ‬فصول‭ ‬الكتاب‭: ‬مؤتمر‭ ‬المنستير‭ ‬واتفاقية‭ ‬جربة‭ ‬مع‭ ‬معمر‭ ‬القذافي‭ ‬في‭ ‬12‭ ‬جانفي‭ ‬1974‭ ‬وحكومة‭ ‬نويرة‭ ‬ثم‭ ‬حكومة‭ ‬مزالي‭. ‬ويمدنا‭ ‬الباجي‭ ‬قائد‭ ‬السبسي‭ ‬بمعلومات‭ ‬مفيدة‭ ‬هي‭ ‬شهادات‭ ‬تاريخية‭ ‬حميمة‭ ‬تسلط‭ ‬الأضواء‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬العهد‭ ‬البورقيبي‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬أيامه‭.‬

وينتهي‭ ‬الكتاب‭ ‬بدراسة‭ ‬مهمة‭ ‬عن‭ ‬البورقيبية‭ ‬وفلسفتها،‭ ‬وسر‭ ‬إشعاع‭ ‬الزعيم‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬التونسية‭ ‬والعالم،‭ ‬ويقوم‭ ‬إشعاعه‭ ‬على‭ ‬التونسة،‭ ‬والتعلق‭ ‬بالشخصية‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬جوهرها،‭ ‬والاعتزاز‭ ‬بتونس‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الصغير،‭ ‬المطل‭ ‬على‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط،‭ ‬صاحب‭ ‬التراث‭ ‬الثقافي‭ ‬الفريد‭ ‬والذي‭ ‬يسلك‭ ‬طريق‭ ‬الوسطية‭ ‬والاعتدال‭ ‬بالاعتماد‭ ‬على‭ ‬العقل‭ ‬لا‭ ‬المشاعر‭ ‬والعاطفة‭ ‬والوجدان،‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬الإفراط‭ ‬ولا‭ ‬التفريط‭ ‬في‭ ‬مجالي‭ ‬السياسة‭ ‬والذين،‭ ‬ولا‭ ‬يؤمن‭ ‬بحرب‭ ‬الطبقات‭ ‬ولا‭ ‬بدكتاتورية‭ ‬البروليطاليا‭. ‬فالتونسة‭ ‬تعني‭ ‬عند‭ ‬بورقيبة‭ ‬ثقافة‭ ‬الاعتدال‭ ‬والواقعية‭ ‬والوفاق‭ ‬والوسطية،‭ ‬وتعتمد‭ ‬سياسة‭ ‬الإقناع‭ ‬لا‭ ‬الإكراه‭ ‬والضغط‭ ‬والعنف،‭ ‬وتعتمد‭ ‬أساس‭ ‬ا‭ ‬المرحلية‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬وتقوم‭ ‬على‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬والتضامن‭ ‬الاجتماعي‭. ‬وهي‭ ‬سياسة‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الأهم‭ ‬قبل‭ ‬المهم،‭ ‬والدوام‭ ‬في‭ ‬بذل‭ ‬الجهد‭ ‬والصبر‭ ‬عليه‭ ‬وطول‭ ‬النفس،‭ ‬وإدراكه‭ ‬قيمة‭ ‬العمل‭ ‬وارتباط‭ ‬التقدم‭ ‬والرقي‭ ‬بالعلم‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬سلطان‭ ‬الهوى‭.‬

هي‭ ‬صفحات‭ ‬ذهبية‭ ‬عن‭ ‬سيرة‭ ‬الزعيم‭ ‬الحبيب‭ ‬بورقيبة‭ ‬وخاصة‭ ‬ما‭ ‬قدمه‭ ‬للدولة‭ ‬التونسية‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬منها‭ ‬إنشاؤه‭ ‬للدستور‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬منه‭ ‬الفصل‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭: “‬تونس‭ ‬دولة‭ ‬حرة‭ ‬مستقلة،‭ ‬ذات‭ ‬سيادةن‭ ‬الإسلام‭ ‬دينها،‭ ‬والعربية‭ ‬لغتها،‭ ‬والجمهورية‭ ‬نظامها‭”. ‬وكذلك‭ ‬ما‭ ‬أسداه‭ ‬للمرأة‭ ‬التونسية‭ ‬بفضل‭ ‬مجلة‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬حالما‭ ‬اعتلى‭ ‬سدة‭ ‬الحكم‭. ‬وكان‭ ‬الباجي‭ ‬تلميذا‭ ‬وفيا‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬باقتراحه‭ ‬خاصة‭ ‬قانون‭ ‬التسوية‭ ‬في‭ ‬الميراث‭ ‬بين‭ ‬المرأة‭ ‬والرجل‭.‬

وما‭ ‬يبرز‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬أن‭ ‬بورقيبة‭ ‬بطل‭ ‬تحرير‭ ‬الوطن‭ ‬ومؤسس‭ ‬دولة‭ ‬حيدثة‭ ‬ورجل‭ ‬الإصلاح‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الميادين،‭ ‬وختم‭ ‬الباجي‭ ‬فصله‭ ‬عن‭ ‬بورقيبة‭ ‬بأن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬معارضيه‭ ‬الأشداء‭ ‬الذين‭ ‬عانوا‭ ‬السجن‭ ‬والنفي‭ ‬اعترفوا‭ ‬بأنهم‭ ‬أولاده‭ ‬وتلامذته‭ ‬وأقروا‭ ‬له‭ ‬بالفضل‭ ‬أمثال‭ ‬محمد‭ ‬الشرفي‭ ‬ونور‭ ‬الدين‭ ‬بن‭ ‬خذر‭ ‬رحمهما‭ ‬الله،‭ ‬وأقروا‭ ‬بدوره‭ ‬العظيم‭ ‬في‭ ‬تحرير‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي،‭ ‬وبروز‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬دولة‭ ‬حداثية‭ ‬متقدمة‭.‬

كما‭ ‬خصص‭ ‬الباجي‭ ‬قائد‭ ‬السبسي‭ ‬مائة‭ ‬صفحة‭ ‬من‭ ‬كتابه‭ ‬لوثائق‭ ‬تاريخية‭ ‬مهمة‭ ‬تناهز‭ ‬العشرين‭ ‬وثيقة،‭ ‬لم‭ ‬ينشرها‭ ‬اعتباطا‭ ‬أو‭ ‬تضخيما‭ ‬للكتاب‭ ‬بل‭ ‬إضافة‭ ‬معتبرة‭ ‬تفيدنا‭ ‬عن‭ ‬الغاية‭ ‬الأساسية‭ ‬من‭ ‬نشرها،‭ ‬وهي،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الكتاب‭ ‬تمجيدا‭ ‬للرئيس‭ ‬بورقيبة،‭ ‬تبين‭ ‬سلبيات‭ ‬السياسة‭ ‬البورقيبية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬غياب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العهد‭.‬

فقارئ‭ ‬الكتاب‭ ‬الذي‭ ‬كتب‭ ‬ونشر‭ ‬قبل‭ ‬أحداث‭ ‬الثورة‭- ‬يتبين‭ ‬إيمان‭ ‬الباجي‭ ‬قائد‭ ‬السبسي‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬إيمانا‭ ‬راسخا‭. ‬فسيرته‭ ‬في‭ ‬المناصب‭ ‬الحزبية‭ ‬أو‭ ‬الوزارية‭ ‬التي‭ ‬تولاها‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬اعتقاد‭ ‬شديد‭ ‬في‭ ‬ضرورة‭ ‬احترام‭ ‬المبادئ‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬الحزبية‭ ‬والدولة‭. ‬مما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬إخلاصه‭ ‬الكبير‭ ‬لمبادئه‭ ‬حينما‭ ‬تولى‭ ‬رئاسة‭ ‬الحكومة‭ ‬التونسية‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭ ‬ثم‭ ‬رئاسة‭ ‬الدولة،‭ ‬فكان‭ ‬على‭ ‬عهده‭ ‬مما‭ ‬يفسر‭ ‬نجاحه‭ ‬في‭ ‬تسييرها،‭ ‬ومن‭ ‬ثمة‭ ‬الجنازة‭ ‬الوطنية‭ ‬الرسمية‭ ‬المهيبة‭ ‬التي‭ ‬قادته‭ ‬إلى‭ ‬مثواه‭ ‬الأخير‭ ‬حذو‭ ‬مقام‭ ‬أبي‭ ‬الحسن‭ ‬الشاذلي‭ ‬في‭ ‬أعلى‭ ‬ربوة‭ ‬من‭ ‬الجلاز‭.‬

من‭ ‬هذه‭ ‬الوثائق‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬وجهها‭ ‬مع‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬المناضلين‭ ‬هم‭ ‬حسيب‭ ‬بن‭ ‬عمار‭ ‬وأحمد‭ ‬المستيري‭ ‬والطيب‭ ‬السحباني‭ ‬ومحمود‭ ‬المسعدي‭ ‬وراضية‭ ‬الحداد‭ ‬وعبد‭ ‬الحق‭ ‬الأسود‭ ‬ومحمد‭ ‬الصالح‭ ‬بلحاج‭ ‬وعبد‭ ‬الرزاق‭ ‬الرصاع‭ ‬والصادق‭ ‬بن‭ ‬جمعة،‭ ‬ينتقدون‭ ‬فيها‭ ‬سياسة‭ ‬الانفراد‭ ‬بالرأي‭ ‬وأجهزة‭ ‬الحكم‭ ‬التي‭ ‬بدأ‭ ‬يعتريها‭ ‬الوهن،‭ ‬ويدعون‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬الضمانات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬اللازمة‭ ‬للمواطن‭ ‬حتى‭ ‬يشارك‭ ‬مشاركة‭ ‬فعلية‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المراحل‭. ‬في‭ ‬التصميم‭ ‬والإنجاز‭ ‬والمتابعة،‭ ‬ويصارحون‭ ‬الرئيس‭ ‬بأن‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭ ‬قد‭ ‬ضعفت‭ ‬هيبتها،‭ ‬وتؤذن‭ ‬حالتها‭ ‬بالتدهور‭ ‬والانحطاط‭ ‬وينبهون‭ ‬إلى‭ ‬خطر‭ ‬المحسوبية‭ ‬والجهويات‭ ‬والانتمائيات‭ ‬والثراء‭ ‬الفاحش‭ ‬لبعض‭ ‬المحظوظين‭.‬

وأهم‭ ‬ملحق‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬رسالة‭ ‬أحمد‭ ‬التليلي‭ ‬الزعيم‭ ‬النقابي‭ ‬إلى‭ ‬الرئيس‭ ‬بورقيبة‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬جانفي‭ ‬1966،‭ ‬وهي‭ ‬رسالة‭ ‬طويلة‭ ‬كتبها‭ ‬بالفرنسية،‭ ‬تمتد‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬25‭ ‬صفحة‭ ‬من‭ ‬ص454‭ ‬إلى‭ ‬ص479،‭ ‬فيها‭ ‬نقد‭ ‬صارخ‭ ‬للوضع‭ ‬السياسي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬بالبلاد‭ ‬التونسية،‭ ‬وتحليل‭ ‬موضوعي‭ ‬للمطبات‭ ‬التي‭ ‬تردت‭ ‬فيها‭ ‬تونس‭ ‬والمخاطر‭ ‬التي‭ ‬تهددها‭ ‬بسبب‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬تخلت‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وقامت‭ ‬على‭ ‬التعسف‭ ‬الأمني‭ ‬وتدخل‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬والعدالة،‭ ‬والانفراد‭ ‬بالرأي،‭ ‬وعدم‭ ‬السماح‭ ‬لتأسيس‭ ‬أحزاب‭ ‬وتسلط‭ ‬الحزب‭ ‬الواحد‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬وتغيب‭ ‬الحرية‭ ‬بأنواعها‭ ‬المختلفة‭.‬

وتبين‭ ‬رسالة‭ ‬التليلي‭ ‬الأخطاء‭ ‬والعيوب‭ ‬والداء‭ ‬الذي‭ ‬ينخر‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬أساسها،‭ ‬وعدم‭ ‬مشاركة‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬جهاز‭ ‬الدولة‭ ‬وتسلط‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬المنظمات‭ ‬التونسية‭ ‬من‭ ‬نقابية‭ ‬وغيرها‭ ‬خاصة‭ ‬منظمة‭ ‬الاتحاد‭ ‬التونسي‭ ‬للشغل‭. ‬ويقدم‭ ‬التليلي‭ ‬أمثلة‭ ‬لذلك‭ ‬واضعا‭ ‬إصبعه‭ ‬على‭ ‬الخطر‭ ‬المهدد‭ ‬للدولة‭ ‬بالاضمحلال‭ ‬والفناء‭ ‬وداعيا‭ ‬للثقة‭ ‬في‭ ‬الشعب‭. ‬وتنتهي‭ ‬الرسالة‭ ‬بالدعوة‭ ‬إلى‭ “‬بناء‭ ‬ديمقراطية‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬تضمن‭ ‬لها‭ ‬الاستقرار‭.. ‬ليس‭ ‬للبلاد‭ ‬اليوم‭ ‬خيار‭ ‬آخر‭ ‬إلا‭ ‬إرساء‭ ‬تونس‭ ‬ديمقراطية‭ ‬ومستقرة‭ ‬دوما‭ ‬قابلة‭ ‬للتحقيق‭”.‬

ومن‭ ‬ملاحق‭ ‬الكتاب‭ ‬رسالة‭ ‬ضافية‭ ‬إلى‭ ‬فرحات‭ ‬عباس‭ ‬يبين‭ ‬له‭ ‬فيها‭ ‬الخطر‭ ‬الناجم‭ ‬من‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يتوخاها‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬الاستقلال‭ ‬والاكتفاء‭ ‬بالانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الفرنسي‭ ‬ويدعوه‭ ‬إلى‭ ‬تحرير‭ ‬الجزائر‭ ‬من‭ ‬الاستعمار‭ ‬الفرنسي‭. ‬كتب‭ ‬الرسالة‭ ‬من‭ ‬القاهرة‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬جويلية‭ ‬1946،‭ ‬وفي‭ ‬الملاحق‭ ‬رسالة‭ ‬أخرى‭ ‬وجهها‭ ‬الزعيم‭ ‬بورقيبة‭ ‬إلى‭ ‬معالي‭ ‬الحاج‭ ‬الزعيم‭ ‬الجزائري،‭ ‬مؤرخة‭ ‬في‭ ‬28‭ ‬جانفي‭ ‬1959‭ ‬يمجده‭ ‬فيها‭ ‬بأنه‭ ‬ضحى‭ ‬بالكثير‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬حرية‭ ‬شعبه،‭ ‬وأنه‭ ‬أبو‭ ‬القومية‭ ‬الجزائرية،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬رئيس‭ ‬الحركة‭ ‬الوطنية‭ ‬الجزائرية‭ ‬وهو‭ ‬حزب‭ ‬النجم‭ ‬بالشمال‭ ‬الأفريقي،‭ ‬دعاه‭ ‬إلى‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬قوى‭ ‬الجزائر‭ ‬الحية‭ ‬والالتحاق‭ ‬بمنظمة‭ ‬التحريري‭ ‬الجزائرية‭ ‬بتونس‭ ‬ذاكرا‭ ‬أن‭ ‬طلب‭ ‬الاستقلال‭ ‬يحتم‭ ‬وحدة‭ ‬كل‭ ‬القوى‭ ‬والشخصيات‭ ‬الوطنية‭.‬

وفي‭ ‬الملاحق‭ ‬وثائق‭ ‬مهمة‭ ‬منها‭ ‬مقالة‭ ‬للباجي‭ ‬تبين‭ ‬سبب‭ ‬استقالته‭ ‬من‭ ‬خطة‭ ‬سفير‭ ‬بفرنسا‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬1971‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬المؤسسات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬الحكم،‭ ‬ومنها‭ ‬صفحات‭ ‬من‭ ‬كتب‭ ‬عن‭ ‬بورقيبة‭ ‬في‭ ‬السجن،‭ ‬وعن‭ ‬زيارته‭ ‬للملك‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود‭ ‬وأخيرا‭ ‬بيان‭ ‬مناضلين‭ ‬وجهوا‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬أكتوبر‭ ‬1972‭ ‬ينتقدون‭ ‬فيه‭ ‬وضع‭ ‬الحزب‭ ‬الاشتراكي‭ ‬الدستوري‭ ‬ويقدمون‭ ‬له‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬التدابير‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬اتخاذها‭ ‬للإصلاح‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬شرعية‭ ‬النظام‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬إرادة‭ ‬الشعب،‭ ‬وتحرير‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬والالتزام‭ ‬بقواعد‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ومراجعة‭ ‬السياسة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وتشجيع‭ ‬المشاريع‭ ‬الطويلة‭ ‬المدى‭ ‬ومقاومة‭ ‬الجشع،‭ ‬والنظر‭ ‬إلى‭ ‬الشباب‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬الشعب‭ ‬غدا‭ “‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬سيحيا‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬ويسيرها‭ ‬فتكون‭ ‬النظرة‭ ‬حينئذ‭ ‬إلى‭ ‬مسائل‭ ‬التشغيل‭ ‬والتكوين‭ ‬والتعليم‭” ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الشباب‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ضرورياته‭ ‬المادية‭ ‬ضروريات‭ ‬روحانية‭ ‬وفكرية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وسياسية‭.‬

وفي‭ ‬الكتاب‭ ‬ملاحق‭ ‬تاريخية‭ ‬مهمة‭ ‬أخرى‭ ‬تخص‭ ‬الجنرال‭ ‬ديغول‭ ‬والوحدة‭ ‬مع‭ ‬ليبيا‭ ‬التي‭ ‬أمضيت‭ ‬في‭ ‬جربة‭ ‬ورسالة‭ ‬الرئيس‭ ‬بورقيبة‭ ‬إلى‭ ‬ملوك‭ ‬ورؤساء‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وتبلغ‭ ‬قائمة‭ ‬الوثائق‭ ‬عدد‭ ‬21‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.