معن بشور: قصيدة ارددها منذ عقود
معن بشور
كنت في الصف الثألث ثانوي، في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، حين أعطانا استاذ العربية في المدرسة الروائي آنذاك الأستاذ العزيز حليم بركات (الدكتور وعالم الاجتماع الكبير فيما بعد) قصيدة للشاعر ادونيس موجهة للمشردين..
ومنذ ذلك الحين وانا أردد هذه القصيدة الرائعة فيما عدد المشردين في وطننا الكبير يزداد يوما بعد يوم أما بسبب الاحتلال أو الحروب أو الفتن أو القمع أو الجوع أو الفقر..
فيزداد تعلقي بتلك القصيدة وبالدعوة الى النضال التي تختتمها حتى لا يبقى لاجىء، أو نازح او مشرد في بلادنا. أو منها..
كل عام وانتم بخير وقد زال عنا وعن الإنسانية كل وباء أو بلاء أو شقاء..
***
قصيدة “المشردون” للشاعر أدونيس
في أول العام الجديدِ قالت لنا، آهاتُنا، قالت لنا، شدّوا الرّحال إلى بعيد، أو فاسكنوا خِيمَ الجليدِ فبلادكم ليست هنا. نحن الذين على الدّخيل تمرّدوا، فتهدّموا وتشرّدوا أكل الفراغ نداءنا، ومشى الأمام وراءنا أيّامُنا جمدت على أشلائنا، وتقلّصت كدمائنا صارت تعيشُ على الثواني، صارت تدور بلا زمانِ. … مشتّتون، مضيّعون على الدروبِ صُفْرَ السواعد والقلوب والجوع كُلُّ ندائنا ، والرّيحُ بعضُ غطائِنا حتى الصباح يفرّ من آفاقنا، ويغيض في أحداقنا أقلوبنا، رفقاً بنا، لا تهربي وتقحّمي عنفَ المصير في الجوع، في اليأسِ المَرير، وهنا، على هذا التراب، تَتَرّبي فغداً، يُقالُ: من أرضنا طلع النضالُ ونما على أشلائنا ونِدائِنا وعلى تلفّتنا البعيدِ لغدٍ جديدِ.