معن بشور : عن شعب واحد في بلدين
معن بشور
لفتني مقال للدكتور حسن أوريد من المغرب حول “الكسكس جزائري أم مغربي؟” واستمتعت بما فيه من معلومات قيمة عن عمق العلاقة بين الشعب الجزائري والشعب المغربي وعن مسؤولين كبار في الجزائر من أصل مغربي، ومسؤولين كبار في المغرب من أصول جزائرية، وشعرت انه من المفيد لكل عربي الاطلاع عليه، لا سيما أبناء المغرب العربي الكبير، كما أسماه المجاهد الكبير زعيم ثورة الريف الامازيغي الأصل محمد عبد الكريم الخطابي الذي رفض التدريس إلا باللغة العربية، وأبناء العروبة والإسلام الذين أشاد رئيس جمعية العلماء المسلمين في الجزائر الشيخ المجاهد عبد الحميد بن باديس بأنتسابهم للعروبة والإسلام معاً.
فهناك جيلان من الجزائريين والمغاربة حرما من التلاقي معاً بسبب الأزمة المفتعلة بين البلدين الشقيقين والجارين، كما حرما من التعرف على كل ما يجمعهما “كأبناء شعب واحد” في دولتين كما قال كاتب المقال المخضرم. هذه العلاقة الحتمية بين الجزائريين والمغاربة عمدتها دماء مئات المجاهدين المغاربة في ثورة التحرير الجزائرية كما كان يروي دائما سي لخضر بوررقعة، كما دماء العديد من الجزائريين الذين استشهدوا وهم يتظاهرون تضامنا من إخوانهم المغاربة ضد الاستعمار الفرنسي كما حدثني الدكتور مصطفى كثيري عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، المندوب السامي لقدامى المقاومة وجيش التحرير في المغرب الحريص على توثيق العلاقة النضالية بين الجزائريين والمغاربة.
ولقد ترسخت العلاقة بين الشعبين بالعلاقة المتينة بين المكون العربي والأمازيغي داخل المغرب والجزائر، اذ من الصعب ان تميّز القبائلي عن العربي في ثورة الفاتح من نوفمبر الجزائرية، والعربي عن الأمازيغي في حركة التحرير والتقدم الوطنية في المغرب.
ولعل ما جرى ويجري منذ عقود لفصم العلاقة بين الدولتين الشقيقتين الجارتين وداخل كل منهما، مماثل لما جرى ويجري بين العديد من دول عربية شقيقة ومتجاورة في كل أرجاء الوطن العربي كما بين سورية ولبنان، ومصر والسودان، والعراق وسورية، والأردن وفلسطين، واليمن والجزيرة العربية، وقطر والبحرين، في اطار مخطط صهيو – استعماري لم يكتف بتجزئة الوطن العربي الى أقطار ، بل بإثارة الصراع بين الأقطار، كما داخل كل قطر.
من هنا، نجدد الدعوة الى عقد ملتقيات نخبوية ومؤتمرات شعبية داخل كل أقليم من أقاليم الوطن العربي، كما حصل مع مشروع أنشاء ملتقى المغرب العربي من قبل أعضاء المؤتمر في تلك البلدان، وهو مشروع تظهر الأيام الملحة لاحيائه أيضاً تنفيذاً لوصايا كبار رحلوا من أعضاء المؤتمر كعبد الحميد مهري ومحمد البصري ومحمد المسعود الشابي ومنصور الكيخيا وبعضهم ما زال حياً – أطال الله في عمره – ولنقيم بين دولنا ديبلوماسية شعبية تعيد ما انقطع لدى الديبلوماسية الرسمية. فالديبلوماسية الشعبية تبدو اليوم هي الأكثر قدرة على التحرك وفعالية لبناء أطر التواصل بين أبناء الأمة وأطر التضامن مع قضاياها.