محمد صالح صدقيان: هل منطقة الشرق الاوسط لازالت حيوية للمصالح الامريكية؟
محمد صالح صدقيان
كاتب وصحفي ايراني
المجتمع الدولي حبس انفاسه مرتين خلال الاشهر الثلاث الاخيرة. الاولى قبل الانتخابات الرئاسية الامريكية ؛ والثانية بعد فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن. في المرة الاولى كان هذا المجتمع ينتظر نتائج هذه الانتخابات بفارغ الصبر وعينه على الثالث من نوفمبر. قليلة هي الدول التي تمنت فوز الرئيس دونالد ترامب بسبب الازعاجات التي اقدم عليها إن مع المنظمات الدولية أو على صعيد الاتفاقات مع البلدان الاخرى؛ وبالتالي فان المشهد الدولي انقسم على نفسه. قسم تمنى ان لايرى الرئيس ترامب في داخل البيت الابيض؛ فيما الاخر تمنى فوزه من اجل الاستمرار في برامجه الدولية والاقليمية. في المرة الثانية من مرحلة حبس الانفاس كان بعد فوز المرشح جو بايدن.
هذه المرة كانت بسبب الرغبة لسماع التصور الذي يحمله بشان الملفات الدولية والاقليمية الشائكة والمعقدة خصوصا بعد الضوضاء الدولية التي سببتها سياسة الرئيس ترامب في مناطق مختلفة من العالم. واذا كان المجتمع الدولي قد تنفس الصعداء بظهور نتيجة الانتخابات من اجل ترتيب اوراقه ؛ الا انه لم يسمع لحد الان تصورا واضحا ومكتملا بشان السياسات التي ستتبعها حكومة الرئيس المنتخب جو بايدن. لكن الاعلان عن اسماء فريق العمل الذي سيحيط بالرئيس المنتخب اعطى انطباعا اوليا عن طبيعة الافكار التي يحملها هذا الفريق للتعاطي مع الملفات المختلفة التي تتحرك على رمال ساخنة او تلك التي تتعلق بالمصالح الامريكية الحيوية. تقديري؛ ان المجتمع الدولي سيكون مهتما بثلاث شخصيات في الفريق الرئاسي الامريكي.
الاول وزير الخارجية؛ والثاني مستشار الامن القومي والثالث وزير الخزانة؛ اما بقية الشخصيات فهي مهمة لانها ستكون في اطار الفريق الملازم للرئيس في البيت البيضاوي لكن الشخصيات الثلاث ستكون وجها لوجه مع الملفات الخارجية. ما نشر من اسماء الشخصيات مساء الاثنين؛ فأن حقيبة وزير الخارجية كانت من نصيب «انتوني بلينكن»؛ وحقيبة مستشار الامن القومي من نصيب «جايك سوليفان»؛ اما وزارة الخزانة فكانت من نصيب رئيسة الاحتياطي الفيدرالي السابقة «جانيت يالن»؛ دون ان ننسى وجود وزير الخارجية الاسبق جون كيري كمبعوث خاص في قضية المناخ.
في منطقة الشرق الاوسط يوجد ملفان رئيسيان هما ملف القضية الفلسطينية والذي تتحرك في داخله اسرائيل؛ اضافة الى الملف الايراني. هاذان الملفان يؤثران بشكل او باخر على تطورات الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط؛ وبالتالي فان معالجة هاذين الملفين يعطيان نسبة كبيرة من فرص الاستقرار في المنطقة؛ مع اليقين بوجود ثوابت امريكية تقليدية تركز على التعامل مع ملفات الشرق الاوسط بعين اسرائيلية.
منطقة الشرق الاوسط لازالت منطقة حيوية لمصالح الولايات المتحدة والدول الغربية بشكل عام. تقرير لموسسة كارنيجي للدراسات الدولية اوضح ان الولايات المتحدة اذا كانت تريد زعامة العالم الغربي عليها العمل للمحافظة على امن واستقرار الشرق الاوسط. هذه المنطقة التي تعتبر مهمة للمصالح الحيوية الغربية سيصبح نفوسها 600 مليون نسمة خلال العام 2029؛ وهي سوق مهمة ناهيك عن رغبتها في عدم افساح المجال للصين بالتغلغل داخلها في مشروعها «الحزام والطريق». المسرّب من نوايا فريق الرئيس الامريكي المنتخب تتحدث عن رغبته في اسدال الستار على «صفقة القرن» والعودة الى «حل الدولتين» واشراك السلطة الفلسطينية في المباحثات مع معارضة انشاء المزيد من المستوطنات؛ لكن عدم المساس بعملية نقل السفارة الامريكية لمدينة القدس. وبعبارة اخرى العودة بشكل او باخر الى مايشبه متبنيات الرئيس السابق باراك اوباما مع الاخذ بنظر الاعتبار ان العام 2021 هو ليس العام 2015.
ايرانيا؛ فان سياسة الرئيس المنتخب تشير الى رغبته في استخدام «القوة الناعمة» في جميع الملفات والتركيز على الحوار من اجل معالجة التطورات التي تخص هذه الملفات. والملف الايراني غير مستثنى من هذه القاعدة. الرئيس المنتخب يعتقد ان ايران يمكن لها ان تلعب دورا في اية ترتيبات شرق اوسطية لضمان تحقيق الاستقرار والامن؛ وقال ايضا انه مستعد للعودة للاتفاق النووي في حال التزام ايران بهذا الاتفاق.
الديمقراطيون قالوا انهم غير مهتمين باسقاط النظام السياسي في ايران على خلاف حكومة الرئيس ترامب الذي وعد مستشارها للامن القومي جون بولتون منظمة خلق الايرانية المنشقة بالاحتفال وسط طهران!. وزير الخارجية المنتخب «انتوني بلينكن» كان له دور في صياغة الاتفاق النووي وكان من المعارضين لأنسحاب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق؛ وهذا ما يدفعنا للاعتقاد العودة لطاولة المفاوضات على قاعدة الاتفاق النووي لكن قد تضع واشنطن ملف القلق الخليجي على طاولة المفاوضات مع ايران.