28 ديسمبر 2024

عبد السلام لصيلع: وحدة المغرب العربي ضرورة ومستقبل ومصير

عبد‭ ‬السلام‭ ‬لصيلع

كاتب‭ ‬وصحفي‭ ‬تونسي

 

ظلت‭ ‬فكرة‭ ‬وحدة‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬و‭ ‬مازالت‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬امنت‭ ‬بها‭ ‬شعوب‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬ليبيا‭ ‬الى‭ ‬موريتانيا‭ ‬مرورا‭ ‬بتونس‭ ‬و‭ ‬الجزائر‭ ‬و‭ ‬المغرب‭ ‬الأقصى‭, ‬و‭ ‬كانت‭ ‬الفكرة‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬حلما‭ ‬جميلا‭ ‬من‭ ‬أحلام‭ ‬شعوبنا‭ ‬المغاربية‭, ‬احتفى‭ ‬بها‭ ‬الكتاب‭ ‬و‭ ‬الفلاسفة‭ ‬و‭ ‬تغنى‭ ‬بها‭ ‬الشعراء‭ ‬و‭ ‬الأدباء‭ ‬و‭ ‬الفنانون‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬الاستعمار‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬زعماء‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬يقودون‭ ‬كفاح‭ ‬التحرير‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬و‭ ‬الخارج‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حرية‭ ‬أقطارهم‭ ‬و‭ ‬استقلالها‭. ‬و‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬جذوة‭ ‬حلم‭ ‬الوحدة‭ ‬لم‭ ‬تنطفئ‭ ‬لدى‭ ‬أبناء‭ ‬هذه‭ ‬الأقطار‭ ‬الذين‭ ‬عزلتهم‭ ‬الحدود‭ ‬الاستعمارية‭ ‬المصطنعة‭ ‬عن‭ ‬بعضهم‭ ‬بعضا‭ ‬و‭ ‬مازالوا‭ ‬يحملون‭ ‬بتحقيق‭ ‬وحدتهم‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬و‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الوحدة‭ ‬قائمة‭ ‬في‭ ‬العقول‭ ‬و‭ ‬مترسخة‭ ‬و‭ ‬متعمقة‭ ‬في‭ ‬النفوس‭ ‬و‭ ‬الوجدان‭.‬

و‭ ‬من‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬مكتب‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬تأسس‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬سنة‭ ‬1947‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬و‭ ‬كان‭ ‬يجمع‭ ‬زعماء‭ ‬و‭ ‬مناضلين‭ ‬مثل‭ ‬عبد‭ ‬الكريم‭ ‬الخطابي‭ ‬و‭ ‬علال‭ ‬الفاسي‭ ‬و‭ ‬الحبيب‭ ‬ثامر‭ ‬و‭ ‬الحبيب‭ ‬بورقيبة‭ ‬و‭ ‬صالح‭ ‬بن‭ ‬يوسف‭ ‬و‭ ‬حسين‭ ‬التريكي‭ ‬و‭ ‬الرشيد‭ ‬ادريس‭ ‬و‭ ‬الطيب‭ ‬سليم‭ ‬و‭ ‬علي‭ ‬البلهوان‭ ‬و‭ ‬عبد‭ ‬الكريم‭ ‬غلاب‭ ‬و‭ ‬الشاذلي‭ ‬المكي‭ ‬و‭ ‬يوسف‭ ‬الرويسي‭ ‬و‭ ‬غيرهم‭, ‬و‭ ‬كان‭ ‬المكتب‭ ‬ملتقى‭ ‬للطلبة‭ ‬و‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬المشرق‭ ‬العربي‭ ‬و‭ ‬القادين‭ ‬من‭ ‬شمال‭ ‬افريقيا‭, ‬قام‭ ‬بدور‭ ‬و‭ ‬فعال‭ ‬في‭ ‬زرع‭ ‬روح‭ ‬وحدة‭ ‬التضامن‭ ‬بينهم‭ ‬و‭ ‬في‭ ‬التعريف‭ ‬بوحدة‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭. ‬

و‭ ‬في‭ ‬محاضرة‭ ‬له‭ ‬ببغداد‭ ‬سنة‭ ‬1951‭ ‬أبرز‭ ‬العلامة‭ ‬المرحوم‭ ‬الأستاذ‭ ‬أبو‭ ‬القاسم‭ ‬محمد‭ ‬كرو‭ ‬قيمة‭ ‬و‭ ‬أهمية‭ ‬وحدة‭ ‬كفاح‭ ‬شعوب‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬ضد‭ ‬الاستعمار‭ ‬و‭ ‬الاحتلال‭ ‬الأجنبي‭ ‬و‭ ‬كان‭ ‬تجند‭ ‬الأقلام‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬و‭ ‬الاذاعات‭ ‬لمقاومة‭ ‬خطر‭ ‬الاستعمار‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الشعوب‭ ‬و‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعتبره‭ ‬خطرا‭ ‬مدججا‭ ” ‬بالسلاح‭ ‬و‭ ‬الأغلال‭ ‬و‭ ‬المدعم‭ ‬بالرعب‭ ‬و‭ ‬الارهاب‭ “. ‬

و‭ ‬في‭ ‬مجلده‭ ‬الفخم‭ ” ‬حصاد‭ ‬العمر‭ ” ( ‬المجلد‭ ‬1‭ ‬و‭ ‬المجلد‭ ‬2‭ ), ‬أطنب‭ ‬الأستاذ‭ ‬أبو‭ ‬القاسم‭ ‬محمد‭ ‬كرو‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬بجغرافيته‭ ‬و‭ ‬تاريخه‭ ‬و‭ ‬كفاحه‭ ‬و‭ ‬كتابه‭ ‬و‭ ‬نخبه‭, ‬و‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ” ‬الشهيد‭ ‬الحبيب‭ ‬ثامر‭ ‬في‭ ‬ذكراه‭ ” ‬يصف‭ ‬لنا‭ ‬الأستاذ‭ ‬كرو‭ ‬مبنى‭ ‬مكتب‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬فيقول‭ ” ‬يقع‭ ‬مكتب‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬ضريح‭ ‬سعد‭ ‬رقم‭ ‬10‭ ‬بالقاهرة‭, ‬و‭ ‬المبنى‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬فيلا‭ ‬متوسطة‭ ‬و‭ ‬جميلة‭ ‬المنظر‭… ‬و‭ ‬قد‭ ‬زالت‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬و‭ ‬قامت‭ ‬مكانها‭ ‬عمارة‭ ‬شاهقة‭. ‬و‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬دول‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬تاريخها‭ ‬الوطني‭ ‬و‭ ‬نضالها‭ ‬الوحدوي‭ ‬المشترك‭ ‬لتحولت‭ ‬الفيلا‭ ‬–‭ ‬بعد‭ ‬شرائها‭ ‬–‭ ‬الى‭ ‬متحف‭ ‬أو‭ ‬سفارة‭ ‬أو‭ ‬مركز‭ ‬ثقافي‭ ‬مشترك‭ ‬؟‭ ‬و‭ ‬لكن‭ ‬أين‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬البديهيات‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬بمثابة‭ ‬المستحيلات‭ ‬عند‭ ‬أصحاب‭ ‬السلطة‭ ‬؟‭ “. ‬

و‭ ‬يضيف‭ ‬الأستاذ‭ ‬أبو‭ ‬القاسم‭ ‬محمد‭ ‬كرو‭ ‬سارد‭ ‬ذكرياته‭ : ” ‬تكون‭ ‬مكتب‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬اثر‭ ‬مؤتمر‭ ‬تأسيسي‭ ‬لمدة‭ ‬أسبوع‭ ‬بين‭ ‬15‭ ‬–‭ ‬22‭ / ‬2‭ / ‬1947‭ , ‬و‭ ‬كان‭ ‬متكونا‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أقسام‭ ‬ذات‭ ‬استقلال‭ ‬داخلي‭ ‬في‭ ‬شؤونها‭ ( ‬قسم‭ ‬تونسي‭ ) ‬و‭ ‬قسم‭ ( ‬جزائري‭ ) ‬و‭ ( ‬قسم‭ ‬مغربي‭ ) ‬و‭ ‬له‭ ‬ادارة‭ ‬عامة‭ ‬يتولاها‭ ‬سنويا‭ ‬قطر‭ ‬من‭ ‬الأقطار‭ ‬الثلاثة‭ ‬و‭ ‬قد‭ ‬تولى‭ ‬الشهيد‭ ‬ثامر‭ ‬ادارة‭ ‬المكتب‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الأول‭ ” ‬1947‭ “  ‬و‭ ‬تولى‭ ‬ادارته‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الثاني‭ ‬الشهيد‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬عبود‭. ‬

عندما‭ ‬تعرفت‭ ‬جيدا‭ ‬على‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬مكتب‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬و‭ ‬المنتسبين‭ ‬اليه‭ ‬أو‭ ‬المتصلين‭ ‬به‭… ‬تبين‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أكبر‭ ‬ممثلي‭ ‬الجزائر‭ ‬هو‭ ‬الشاذلي‭ ‬المكي‭ ‬بل‭ ‬لعله‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬الممثل‭ ‬الوحيد‭. ‬أما‭ ‬أكبر‭ ‬ممثلي‭ ‬تونس‭ ‬بعد‭ ‬الزعيم‭ ‬بورقيبة‭ ‬فهو‭ ‬الدكتور‭ ‬ثامر‭ ‬و‭ ‬حولهما‭ ‬من‭ ‬التونسيين‭ ‬السادة‭ ‬الرشيد‭ ‬ادريس‭ ‬و‭ ‬الطيب‭ ‬سليم‭ ‬و‭ ‬حسين‭ ‬التريكي‭ ‬و‭ ‬يليهم‭ ‬تونسيون‭ ‬اخرون‭ ‬اشتهر‭ ‬منهم‭ ‬–‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬–‭ ‬ابراهيم‭ ‬طوبال‭ ‬و‭ ‬يونس‭ ‬درمونة‭, ‬أما‭ ‬الهادي‭ ‬السعيدي‭ ‬فكان‭ ‬قد‭ ‬توفي‭. ‬و‭ ‬بعد‭ ‬سفري‭ ‬الى‭ ‬بغداد‭ ( ‬أكتوبر‭ ‬48‭ ‬الى‭ ‬1952‭ ) ‬التحق‭ ‬بالمكتب‭ ‬زعماء‭ ‬و‭ ‬مناضلون‭ ‬اخرون‭, ‬منهم‭ ‬بالخصوص‭ ‬المرحومان‭ ‬علي‭ ‬البلهوان‭ ‬و‭ ‬صالح‭ ‬بن‭ ‬يوسف‭, ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أسماء‭ ‬عديدة‭ ‬أخرى‭ ‬كانت‭ ‬ذات‭ ‬علاقة‭ ‬أو‭ ‬دور‭ ‬و‭ ‬ربما‭ ‬مسؤولية‭ ‬قبل‭ ‬وصولي‭ ‬الى‭ ‬القاهرة‭ ( ‬جوان‭ ‬48‭ ), ‬و‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬الذكر‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭, ‬كان‭ ‬من‭ ‬مؤسسيه‭ ‬المناضل‭ ‬المرحوم‭ ‬يوسف‭ ‬الرويسي‭ ‬و‭ ‬المرحوم‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬عزوز‭ ‬و‭ ‬خليفة‭ ‬حواس‭ ‬و‭ ‬الهادي‭ ‬السعيدي‭, ‬كما‭ ‬اتصل‭ ‬به‭ ‬أو‭ ‬تعاون‭ ‬معه‭ ( ‬أعني‭ ‬مع‭ ‬القسم‭ ‬التونسي‭ ) ‬عديد‭ ‬الشبان‭ ‬التونسيين‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬خاصة‭ ‬منهم‭ ‬الطلاب‭ ‬مثل‭ ‬زميلي‭ ( ‬في‭ ‬الهجرة‭ ‬ببغداد‭ ) ‬الهادي‭ ‬بن‭ ‬عمر‭ ‬و‭ ‬يوسف‭ ‬العبيدي‭. ‬

أما‭ ‬القسم‭ ‬المغربي‭ ‬فكانت‭ ‬زعامته‭ ‬مجسمة‭ ‬في‭ ‬شخص‭ ‬علال‭ ‬الفاسي‭ ‬و‭ ‬كان‭ ‬الدكتور‭ ‬امحمد‭ ‬بن‭ ‬عبود‭ ‬أكبر‭ ‬ممثليه‭ ‬ثم‭ ‬عبد‭ ‬الكريم‭ ‬غلاب‭ ‬و‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬بن‭ ‬جلون‭ ‬و‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬المليح‭ ‬و‭ ‬عبدالكريم‭ ‬بن‭ ‬ثابت‭… ” ‬

و‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬انعقدت‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬1956‭ ‬ندوة‭ ‬مغاربية‭ ‬هامة‭ ‬كان‭ ‬هدفها‭ ‬وضع‭ ‬أسس‭ ‬وحدة‭ ‬شمال‭ ‬افريقيا‭ ‬و‭ ‬قد‭ ‬حضرها‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬و‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المنتظر‭ ‬أن‭ ‬يحضرها‭ ‬أيضا‭ ‬زعماء‭ ‬و‭ ‬قادة‭ ‬يمثلون‭ ‬الثورة‭ ‬الجزائرية‭ ‬في‭ ‬مقدمتهم‭ ‬الزعيم‭ ‬الفذ‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬بلة‭ ‬لكن‭ ‬الطائرة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تقلهم‭ ‬الى‭ ‬تونس‭ ‬تعرضت‭ ‬الى‭ ‬قرصنة‭ ‬و‭ ‬وقع‭ ‬اختطافها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬السلطات‭ ‬الفرنسية‭ ‬فلم‭ ‬يصلوا‭ ‬الى‭ ‬تونس‭ ‬و‭ ‬لم‭ ‬يحضروا‭ ‬الندوة‭.      

حول‭ ‬عملية‭ ‬القرصنة‭ ‬الفرنسية‭ ‬كتب‭ ‬الزعيم‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬صالح‭ ‬افتتاحية‭ ‬في‭ ‬العدد‭ ‬34‭ ‬من‭ ‬جريدة‭ ” ‬صوت‭ ‬العمل‭ “, ‬لسان‭ ‬الاتحاد‭ ‬العام‭ ‬التونسي‭ ‬للشغل‭ ‬بتاريخ‭ ‬26‭ ‬أكتوبر‭ ‬1956‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ” ‬هذه‭ ‬وحدة‭ ‬المغرب‭ ” ‬ندد‭ ‬فيها‭ ‬بعملية‭ ‬القرصنة‭ ‬الفرنسية‭ ‬ضد‭ ‬قادة‭ ‬ثورة‭ ‬الجزائر‭ ‬و‭ ‬أكد‭ ‬تضامن‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬معهم‭ ‬و‭ ‬أشاد‭ ‬بوحدة‭ ‬المصير‭ ‬و‭ ‬الكفاح‭ ‬و‭ ‬المستقبل‭ ‬التي‭ ‬تجمعها‭. ‬

و‭ ‬قد‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬افتتاحية‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬صالح‭ ‬منذ‭ ‬67‭ ‬سنة‭, ‬تواصل‭ ‬فرنسا‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬و‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬افريقيا‭ ‬بأسرها‭ ‬و‭ ‬ضد‭ ‬شعوب‭ ‬المغرب‭ ‬بأسرها‭. ‬

و‭ ‬قد‭ ‬برهنت‭ ‬للعالم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأسبوع‭ ‬بأنها‭ ‬لا‭ ‬تؤمن‭ ‬بغير‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭, ‬و‭ ‬اعتبرت‭ ‬شعوب‭ ‬شمال‭ ‬افريقيا‭ ‬من‭ ‬جهتها‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬بين‭ ‬فرنسا‭ ‬و‭ ‬الشعب‭ ‬الجزائري‭, ‬فقد‭ ‬وقف‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬كله‭ ‬رجلا‭ ‬واحدا‭ ‬متين‭ ‬الوحدة‭ ‬و‭ ‬العزيمة‭ ‬يوم‭ ‬ألقي‭ ‬القبض‭ ‬غدرا‭ ‬على‭ ‬زعماء‭ ‬الجزائر‭. ‬

و‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬أول‭ ‬مرحلة‭ ‬واقعية‭ ‬حاسمة‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬توحيد‭ ‬كفاح‭ ‬شمال‭ ‬افريقيا‭ ‬توحيدا‭ ‬بالفعل‭. ‬و‭ ‬كانت‭ ‬موجة‭ ‬الغضب‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬على‭ ‬هاته‭ ‬العاطفة‭ ‬و‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الاعتبار‭. ‬

فاجئ‭ ‬بلة‭ ‬و‭ ‬صحبه‭ ‬من‭ ‬زعماء‭ ‬المغرب‭ ‬العزيز‭, ‬انتصارهم‭ ‬انتصارنا‭ ‬و‭ ‬كفاحهم‭ ‬كفاحنا‭. ‬

ان‭ ‬اعتداء‭ ‬فرنسا‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬و‭ ‬الحرمة‭ ‬و‭ ‬المروءة‭ ‬اعتداء‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬ثورة‭ ‬الجزائر‭ ‬و‭ ‬على‭ ‬كفاح‭ ‬أقطار‭ ‬شمال‭ ‬افريقيا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وحدتها‭ ‬و‭ ‬ازدهارها‭. ‬

لذلك‭ ‬و‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬الاستنكار‭ ‬عبرنا‭ ‬عن‭ ‬ابتهاجنا‭ ‬بتأثير‭ ” ‬هردزة‭ “‬الاستعمار‭ ‬على‭ ‬مجرى‭ ‬كفاحنا‭ ‬الزاحف‭ ‬الى‭ ‬الانتصار‭. ‬

‭ ‬و‭ ‬لكن‭ ‬المهم‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نشارك‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬كفاحها‭ ‬الحاسمة‭ ‬مشاركة‭ ‬أقوى‭ ‬و‭ ‬أشد‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬ميادين‭ ‬كفاحها‭. ‬المهم‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬استعمال‭ ‬كل‭ ‬الوسائل‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬و‭ ‬الخارج‭ ‬ليقوى‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬فرنسا‭ ‬و‭ ‬تعود‭ ‬الى‭ ‬الصواب‭ ‬و‭ ‬تعود‭ ‬للجزائر‭ ‬حريتها‭ ‬و‭ ‬تتدعم‭ ‬للمغرب‭ ‬العربي‭ ‬وحدته‭, ‬المهم‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬أنا‭ ‬لا‭ ‬يهدأ‭ ‬لنا‭ ‬بال‭ ‬لحظة‭ ‬أو‭ ‬يوم‭ ‬حتى‭ ‬ننجح‭ ‬في‭ ‬اطلاق‭ ‬سراح‭ ‬المجاهدين‭ ‬و‭ ‬حتى‭ ‬تتفاوض‭ ‬معهم‭ ‬فرنسا‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬الاعتراف‭ ‬باستقلال‭ ‬الجزائر‭. ‬

فكفاحنا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬و‭ ‬قد‭ ‬عبرنا‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬العقيدة‭ ‬مرات‭ ‬و‭ ‬كفاحنا‭ ‬لا‭ ‬يتطلب‭ ‬فقط‭ ‬وحدتنا‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬بل‭ ‬يتطلب‭ ‬وحدة‭ ‬جميع‭ ‬العناصر‭ ‬الشعبية‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬كامل‭ ‬شمال‭ ‬افريقيا‭ “. ‬

بقدر‭ ‬ايماننا‭ ‬بأن‭ ‬وحدة‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬ضرورة‭ ‬و‭ ‬مستقبل‭ ‬و‭ ‬مصير‭, ‬فستبقى‭ ‬الفكرة‭ ‬و‭ ‬الحلم‭ ‬و‭ ‬المشروع‭ ‬و‭ ‬الارادة‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬تتحقق‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬أو‭ ‬بالأجيال‭ ‬المغاربية‭ ‬القادمة‭ ‬بعدما‭ ‬تنهار‭ ‬الأسوار‭ ‬و‭ ‬تسقط‭ ‬العراقيل‭ ‬و‭ ‬الاحباطات‭ ‬و‭ ‬تتهدم‭ ‬الحواجز‭, ‬فان‭ ‬لم‭ ‬تتحقق‭ ‬وحدة‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬–‭ ‬تماما‭ ‬مثل‭ ‬الوحدة‭ ‬العربية‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليوم‭ ‬فسوف‭ ‬تتحقق‭ ‬ان‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬بعدنا‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭. ‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.