سماحة الشيخ عثمان بطّيخ مفتي الجمهورية: يجوز التخلّي عن الأضحية وإعطاؤها للمجهود الصحّي في محاربة الوباء
· في عيد الإضحى هذه السنة يجب التخلّي عن بعض العادات كالتزاور والمصافحة وترك الأطفال يلهون في الشوارع وتجنّب التزاحم على شراء الأضاحي لما يترتّب على ذلك من زيادة المرض وتأخّر البرء منه.
· من يرفض التّلقيح فهو متسبّب في الإضرار بحياته وصحة وحياة من معه… وهي جريمة تستحقّ المؤاخذة.
· على كلّ المسلمين في أرجاء المعمورة ضرورة مواصلة التضامن والتعاون ليسعنا السّيطرة على هذا الوباء القاتل والانتصار عليه.
· عندما سئل الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن الطاعون، قال : ” إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه “، وهو الحجر الصحّي الذي نعرفه اليوم ويوصى به طبيّا.
حاوره : عبد السّلام لصيلع
في حوار ل”المصير” قال سماحة الشيخ الجليل عثمان بطيخ مفتي الجمهورية التونسية حول عيد الإضحى لهذا العام : ” يجوز التّخلّي عن الأضحية وإعطاؤها للمجهود الصحّي وهو مجهود جماعي في محاربة الوباء”.
ونصح كلّ المسلمين ب” التخلّي عن بعض العادات كالتّزاور والمصافحة وترك الأطفال يلهون في الشوارع وكذلك تجنّب التّزاحم على شراء الأضاحي لما يترتّب على ذلك من زيادة المرضى وتأخّر البرء منه “.
وأكّد الشيخ عثمان بطيخ أنّ من يرفض التلقيح ضدّ فيروس كورونا فهو “متسبّب في الإضرار بحياته وصحّة وحياة من معه .. وهي جريمة تستحق المؤاخذة “.
ودعا الشيخ عثمان بطّيخ المسلمين في أرجاء المعمورة إلى ضرورة مواصلة التّضامن والتّعاون للسيطرة على وباء كورونا القاتل والانتصار عليه.
وفي ما يلي هذا الحوار :
مرجعيّة نبوية
· كيف كان يتعامل الرسول صلّى الله عليه وسلّم والصحابة في أوقات الأوبئة والجوائح في مثل هذه الظروف التي نعيشها اليوم ؟
– إنّ من الخصال التي مدح الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم هي الرحمة فقال فيه وهو أصدق القائلين : ” وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين “. فهو الرحمة المهداة إلى الإنسانيّة جمعاء ومن رحمته صلى الله عليه وسلّم دعوته المتكرّرة إلى حفظ النفس الآدمية وحمايتها وجعلها من الحرمات المؤكدة. ومن رحمته رفع الأغلال والشدة في المعاملة والتكليف بما في الوسع رفعا لكلّ حرج وضيق لقوله تعالى : ” لا يكلّف الله نفسا إلاّ وسعها” وقوله : ” وما جعل عليكم في الدين من حرج “. وقد اجتهد صلّى الله عليه وسلّم في اختيار أيسر طرق التعامل ، ففي الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها ” ما خيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلاّ اختار أيسرهما ما لم يكن إثما “. فكان صلى الله عليه وسلم عند اشتداد الحرارة ، مثلا ، يأمر بأن يبرد بالصلاة إلى أن يميل الظلّ ، وكان يأمر بالتكافل والتعاون إذا قلّت الحوائج الضرورية للناس كنهيه عن ادخار لحوم الأضاحي لسدّ حاجات الفقراء والمساكين ، فلما رفع خطر الدافة نسخ هذا الحكم فقال صلى الله عليه وسلم : ” كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي لأجل الدّافة التي دفّت فكلوا وادّخروا وتصدّقوا ” ، وهي السياسة الشرعية الحكيمة التي تشبّع بها خلفاؤه من بعده فقد حدث الطاعون بالشام زمن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فأبى أن يدخلها فلما سئل : ” أفرارا من قضاء الله يا عمر ؟ ” أجاب : ” فررنا من قضاء الله إلى قضاء الله ” وهذا من فقه عمر الصائب والحكيم فهمه من قول النبي صلى الله عليه وسلّم لما سئل عن الطاعون فقال : ” إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ” وهو الحجر الصحّي الذي نعرفه اليوم ويوصى به طبيا.
تضامن إسلامي في مقاومة كورونا
· هل هناك تضامن إسلامي في مقاومة كورونا لحماية المسلمين والتّصدّي لأضرارها المختلفة ؟
– نعم هناك تضامن إسلامي وهناك تعاون بين الدول الإسلامية كالمساعدة بالأجهزة الطبية اللازمة معدات وأجهزة تنفس وأدوية وتلاقيح ، ونرجو أن يزيد هذا التعاون وأن يكبر هذا الإسناد خصوصا للدول التي تشهد تصاعدا خطيرا للوباء ومنها تونس ، والمؤمن أخو المؤمن والمسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
التّبرّع بالأضحية
· هل يجوز التخلّي عن أضحية العيد والتبرّع بقيمتها المالية لمقاومة هذا الوباء ؟
– يجوز التخلي عن الأضحية وإعطاؤها للمجهود الصحّي وهو مجهود جماعي في محاربة الوباء ، وهو ما أفتينا به في بلادنا ، مع ترك الحرية للمبادرة الفردية والجماعية بلا إلزام ولا إكراه خاصّة ومن الناس من هو قادر على الجمع بين الحسنيين الأضحية والتبرع بمثل ثمنها أو يزيد وله الأجر والثواب المضاعفين.
رفض التلقيح جريمة
· هناك من يرفضون الإقبال على التلقيح ضدّ كورونا لتحصين أنفسهم وحياتهم وحياة الآخرين، ماذا تعتبرون هؤلاء ؟
– من يرفض التلقيح فهو متسبب في الإضرار بحياته وصحته وحياة من معه من الأهل وغيرهم وهو مسؤول عن ذلك أمام الله باعتبار أنّها إذاية واعتداء على الآخرين بالعدوى وبالموت ، وهي جريمة تستحق المؤاخذة.
سلوك عدائي
· ما هو حكم الدين الإسلامي في الشخص الذي يعرف أنّه مصاب بالكورونا ويخفي ذلك عن الناس الذين يعيش معهم في المجتمع ؟
– هو نفس ما قلناه سابقا في من تسبب في الإضرار بغيره رغم التحذير من الأخطار بسبب هذا السلوك العدائي غير الواعي وغير المتبصر بمآلات الأمور ، خصوصا وإن التلقيح يبذل مجانا لكلّ الناس غنيّهم وفقيرهم .
التضامن والتعاون
· بمناسبة عيد الإضحى المبارك هل توجّهون رسالة معيّنة إلى كافة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وهم تحت وطأة وباء خطير جدّا فتك بالملايين من البشرية في العالم أجمع ؟
– نتوجه إلى كلّ المسلمين أين ما كانوا في أرجاء المعمورة بضرورة مواصلة التضامن والتعاون بما أمكن من مال وأدوات المداواة والمعدات الصحية والميدانية والبشرية بالأطباء والممرضين وبالتطوع إلى ذلك كل بحسب اختصاصه ، وكذلك مزيد الحزم مع المتراخين الذين لا يبالون للأخطار الداهمة بسبب الجائحة ، وبمزيد اتخاذ وسائل المقاومة باعتبارها اليوم هي أولى الأولويات ليسعنا السيطرة على هذا الوباء القاتل والانتصار عليه.
التخلّي عن بعض العادات في عيد الإضحى
· تعوّد الناس على عادات احتفالية معيّنة يوم عيد الإضحى في الظروف العادية. ما هي نصيحتكم إليهم وهم يستقبلون عيدهم هذه السنة تحت الخوف من الكورونا ؟
– ونصيحتنا إلى كل المسلمين بمناسبة عيد الأضحى ، التخلي عن بعض العادات كالتزاور والمصافحة وترك الأطفال يلهون في الشوارع ، وكذلك تجنّب التزاحم على شراء الأضاحي لما يترتب على ذلك من زيادة المرض وتأخر البرء منه. ويمكن أن تتمّ المعايدات بالوسائل الحديثة عن بعد وهي متوفّرة لدى غالب النّاس.
واجب ديني
· هل من الممكن تكوين صندوق إغاثة وتبرعات تضامني إسلامي لمساعدة بعض الدول الإسلامية التي أصبحت منكوبة وتضرّرت كثيرا من جرّاء الكورونا وسلالاتها مثل تونس ؟
– سؤال وجيه يمكن تحقيقه بتكوين صندوق إغاثة لتجميع ما يمكن جمعه من أموال وهو واجب بالدين خصوصا في هذه الظروف العصيبة.