د.خالد شوكات: هل من مقاربة أفريقية خالصة لقضية الهجرة غير النظامية؟
د.خالد شوكات
رغم أن الموضوع أفريقي بالدرجة الأولى، إلّا أن صوت الأوربيين هو الأكثر ارتفاعا..
واستغرب شخصيا أمر الاتحاد الأفريقي ومؤسساته حيال القضية، اذ منذ تنديده المرة الماضية بتصريحات الرئيس سعيّد، التي اعتبرها في حينها عنصرية، فقد اكتفى الأفارقة في أديس أبابا وعواصم القارة السمراء الكبرى، بالصمت المريب، رغم احتدام الازمة وما تسبّبه من حرج لدول الشمال الأفريقي وفي مقدّمتها تونس، واقتصر الحال على دور المراقب والمتفرّج ربّما، في حين تستحقّ المسألة فعلا مبادرة أفريقية مستعجلة، وأن لا تترك تونس وليبيا وبقية الدول المغاربية في ورطة وموقف تفاوضي ضعيف مع جيران الشمال، الذين لا يتردّدون في دعوة جيران الضفة الجنوبية للمتوسط ليكونوا حرّاسا مناوبين مقابل فتات من المساعدات المهينة..
كل محنة تحمل في طياتها منحة، واجتماع الأشقاء الأفارقة على طاولة النظر والبحث والقرار، لبلورة رؤية أفريقية جامعة لقضايا الهجرة والتنمية، مسار ضروري..
تملك تونس القدرة على قلب المعادلة، لو توفّرت الارادة طبعاً، على نحو تتحوّل معه هذه الازمة الخانقة إلى فرصة لبناء شراكة تنموية واقتصادية فاعلة بين دول شمال وجنوب الصحراء الأفريقية، ويمكن الاستعانة في هذا السياق بالقوى الاقتصادية الدولية الصاعدة لتمويل مشاريع الشراكة الكبرى الكثيرة المقترحة..مشاريع قد تعيد الحياة للصحراء الكبرى التي كانت لقرون مجالا لطرق تجارية مربحة لأطرافها وعامرة..
ولدى تونس تجربة واعدة في الاستثمار في عدد كبير من الدول الافريقية، كما ان لدى كفاءاتها مصداقية لدى حكومات تلك الدول، بالمقدور تنميتها وتطويرها وتوسيعها وتكثيفها..
عليّ التذكير أخيرا بأن سي محمد مزالي في جولته الافريقية الشهيرة بداية الثمانينيات من القرن الماضي، لعشرة دول افريقية دفعة واحدة، أعطانا نموذجا جيّدا في امكانية تحويل المحنة الافريقية الى منحة حقيقية نستبدل فيها التوجّه العدائي المزاجي والشعبوي الذي يمكن ان يقود الى نتائج كارثية، إلى توجه أخوي تكاملي، نعمل فيه معاً مع أشقائنا على خلق فرص التعاون والنماء والشراكة المربحة لجميع الافارقة شمالا وجنوبا..