د.خالد شوكات: مقامةُ ليلةِ القدرْ..
1 min readد.خالد شوكات
-1-
عندما نفهمُ الديمقراطيةَ بالمقلوبْ،
ونفصلُ بين الحريةِ والمسؤوليةْ،
ونطلقُ العنانَ للمزاج والانطباع والشعبويةْ،
ونصفّي في القرنِ ال21 حساباتِ القرنِ ال20..
-2-
عندما نقرّرُ العودةَ إلى مراهقينَ سياسيينْ،
ونستحضرُ الآن جميعَ هواجسِ الماضي،
ونستسلمَ للعقلِ الأمني والاستخباراتي،
ونمارسَ كافّة الرذائلِ التي رسبتْ من زمنِ الاستبدادْ..
-3-
عندما نركبُ على الثورةِ ولم نكن يوماً ثواراً،
ونعلنُ الحربَ على الفسادِ وَنَحْنُ من المفسدينْ،
ونصرخُ طولَ اليومِ بسببٍ ودونَ سببْ،
ونكفّرَ بعضنا أو نخوّنَ ونتطهّرَ لندنّسَ زوراً الآخرينْ..
-4-
عندما لا نحسنُ ترتيبَ أولوياتِ الوطنْ،
ونجعلُ من الشقيقِ عدوّاً مبيناً،
ونسخّرُ انفسنا لخدمةِ مصالحَ إقليميةٍ ودوليةْ،
ونحوِّل بلادنا مسرحاً لصراعِ المحاورِ المتنافسينْ..
-5-
عندما ينقلبُ سوءُ الظنًِّ منهجاً وقاعدةْ،
وتمسي السياسةُ ضرباً مستمراً تحتَ الحزامًْ،
وتضحي الأحزابُ “باتيندا” ونواديْ مغلقةْ،
وتطردُ العملةُ السيئةُ الحسنةْ، فتنتصرُ الرداءةْ..
-6-
عندما يضحي الاعلامُ ترذيلاً وابتذالاً،
والاثارة همّاً وغايةً وخبزاً يومياً للعامةْ،
ويصبحُ السفلةُ والقتلةُ والحراميةُ والمتحيلينَ قدوةَ الناشئةْ،
وتتحوّلُ النخبُ الحقيقيةُ مناطاً للسخريةْ..
-7-
عندما يستوي في المشهدِ العامِّ العلماءُ والجهلةْ،
وتصبح وظائف الدولة العليا في متناول من هبّ ودبْ،
وتخرجُ إلى السطحِ جميعُ العيوبْ،
وتطفو القطاعيةُ والقبليةُ والغنائميةُ والجهويةْ..
-8-
عندما يصبحُ “الحكمُ” مجرّدُ “صدفةْ”،
ويُقْصَى رموزُ النضالِ سنواتَ الجمرِ والمحنةْ،
ويسلّمُ شأنُ البلادِ إلى مجهولي النسبِ وصغارِ السياسةْ،
ويتسنّمُ الأميونَ أعلى المواقعْ..
-9-
عندما تتعادلُ قوى القانونِ واللاقانونْ،
وتصبحُ الديمقراطيةُ في عيونِ المواطنينَ نوعاً من الفوضى،
والسياسةُ إطفاءَ حرائقَ يوميةٍ وترقيعْ،
وتعبثُ عصاباتُ المصالحِ الضيقةِ باقتصادِ الوطنْ..
-10-
عندما تفقدُ الدولةُ القدرةَ على التفكيرِ العميقْ،
ويطغى التكتيكُ على الاستراتيجيا،
ولا تجدُ مؤسسات الحكمِ والقيادةِ برهةً واحدةً للمراجعةْ،
وتَرْتهنُ الادارةُ والمخزنُ القادةْ..
-11-
عندما تجدُ البلاد نفسها بلا برنامجٍ للتغييرْ،
ويتحوَّلُ مشروعُ النهوضِ الحضاري إلى نكتةٍ سمجةْ،
وتنسى القياداتُ أمانةَ المؤسسينْ،
ووصايا الآباءْ،
وتفقدُ البلادُ التخطيطَ والبوصلةْ..
-12-
عندماَ ننسى أحلامناَ الكبرى..
ويصبحُ الاتحادُ المغاربي مجرّدَ مكتبٍ في الرباطْ،
والجامعةُ العربيةُ مجرد ذكريات في القاهرةْ،
والتعاونُ الإسلامي فكرةً طوباويةً من الازمنةِ الغابرةْ..
***
حينها فقطْ ننتبهُ إلى أنّنا في تونسَ الثورةَ الحائرةْ..
وقد نسخرُ من أننا نعيشُ ديمقراطيةً ناشئةْ..
وأن الانتقالَ الديمقراطي يكادُ ينحر في الزاويةْ..
وأن الفرصة التاريخية إنْ أهدرت فَقَدْ لا تتكرّرُ ثانيةْ..
المختارة
(الفوني/المزونة/سيدي بوزيد/الجمهورية التونسية)
فجر السبت 26 رمضان 1442 هجرية الموافق ل8 ماي 2021 ميلادية