28 ديسمبر 2024

د.خالد شوكات: حكم المحكمة الأفريقية لحقوق الانسان والشعوب!!؟

1 min read

د.خالد شوكات 

على الرغم من أننا ندرك أن الدولة التونسية لن تستجيب لحكم المحكمة الافريقية لحقوق الانسان والشعوب، الصادر يوم أمس 22 سبتمبر 2022، والقاضي بابطال جميع المراسيم والأوامر والقرارات والاجراءات الرئاسية الصادر منذ 25 جويلية 2022، والتي أثّتت وأسّست للانقلاب على مسار الانتقال الديمقراطي، فإن هذا  الحكم  هو حكم تاريخي  يمثل منعرجا ومنعطفا  وقطيعة بين ما سبقه من وقائع وأحداث في القارة السمراء وما بعدها، وتكمن أهميته في ما يلي:

1-أنه أصبح بمقدور مواطن فرد كالاستاذ ابراهيم بلغيث، بمجهوده الشخصي واحساسه بالمسؤولية تجاه النظام الديمقراطي أن يواجه دولته التي انحرف مسارها أمام قضاء دولي أو اقليمي وأن يربح القضية ويستصدر حكما له قيمة قانونية تفوق قيمة الأحكام القضائية الوطنية.

2-ان توقيع الدول على قوانين واتفاقيات دولية ليس مسألة شكلية، فقيام الدولة التونسية بالتوقيع على اتفاقية الانضمام للمحكمة الافريقية لحقوق الانسان والشعوب سنة 2017، له بالمقابل التزام قانوني من الدولة وتعهدا مسبقا لقبول احكام هذه المحكمة، وتقديري ان من خطط وقام بالانقلاب على مؤسسات الحكم الديمقراطي والغاء دستور شرعي دون ان يملك الصلاحيات القانونية للقيام بذلك، ناهيك عن احترام الالتزامات الاخلاقية ، لم ينتبه إلى وجود مثل هذه الاتفاقية الافريقية ولا الى انضمام تونس لها..لقد فاجأ الاستاذ بلغيث بنباهته ونضاليته الدولة والمجتمع المدني .. وسيكون لذلك تأثير  ايجابي مستقبلا حتماً.

3-ان القارة الافريقية التي عانت أكثر من أي قارة في العالم من الانقلابات العسكرية والمدنية والميليشياوية وسواها على أنظمة شرعية منتخبة ومؤسسات حكم ديمقراطية، لم تعد تلك القارة المتسامحة تجاه مثل هذا النوع من  أساليب تغيير الحكم البالية والمتخلفة وذات الكلفة العالية على حقوق الانسان والشعوب، ومن هنا تطوير الاتحاد الافريقي لمنظومته السياسية والقانونية المكافحة للانقلابات بأنواعها، وقد جاء تأسيس المحكمة الافريقية لحقوق الانسان والشعوب ضمن هذا السياق، فضلا عن الاجراءات العقابية ذات الطابع السياسي التي طالت اكثر من دولة افريقية شهدت خلال السنوات الاخيرة انقلابا على الديمقراطية. 

4-لقد اثبت حكم المحكمة الافريقية أن “جريمة الانقلاب على الديمقراطية” هي جريمة محرّمة بحسب القوانين الافريقية والدولية، وانها لا تسقط بالتقادم، وان المتورطين في ارتكابها سيظلون محل تتبع قضائي وقانوني  افريقيا ودوليا بدون تحديد سقف زمني للمتابعة. 

5-يتضمن حكم المحكمة الافريقية أيضا تحذيرا واضحا لمؤسسات القوة الصلبة التي يمكن أن يتم توريطها في مثل هذه الجرائم ذات الطبيعة السياسية، ويدعوها عمليا الى احترام الدساتير وقواعد الحكم الديمقراطي.

وأخيرا، أقول ان النظرة الفوقية التي ينظر بها بعض عرب افريقيا في دول شمال القارة السمراء، الى افريقيا لم يعد لها من مبرر ابدا، فالوعي الافريقي جنوب الصحراء بالديمقراطية وحقوق الانسان اصبح متفوقا على الوعي العربي والدلائل على ذلك كثيرة من بينها هذا الحكم.

شكرا استاذ ابراهيم، لقد اعطيتنا جميعاً درسا بليغا..انت محل كل فخر وطني وافريقي وانساني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.