د.خالد شوكات: بلدية القطار في مرمى مافيا تعطيل القطار
1 min readد.خالد شوكات
تتميّز مراحل الانتقال الديمقراطي بجهود المافيات التي لا تتوقف في اختراق مؤسسات الحكم وإرهاق الدولة تأمينا لتدفق مصالحها الضيقة ومنعا لأي جهود اصلاحية ممكنة.
وتمتلك هذه المافيات عادة وسائل اعلام وميليشيات فايسبوكية لقلب الحقائق وتلبيس الحق بالباطل والتلاعب بالرأي العام وإقناعه بنقيض ما يخدم مصلحته، بل تسخّره في كثير من الأحيان في حملات للدفاع عن وجهك نظرها التي تعاكس المصلحة العامة تماما.
هذا الصباح، وقفنا على نموذج لهذا التلاعب “المافيوزي” بالرأي العام، من خلال الهجوم على قرار رئيس بلدية القطار من جهة قفصة بمنع مرور شاحنات نقل الفوسفاط عبر بلديته، من خلال تصوير هذا القرار خلافا لحقيقته كما يلي:
1- نعت بلدية القطار باعتبارها “امارة” في ربط خبيث للامر من جهة بمصطلح داعشي ارهابي، ومن جهة اخرى تصويره على انه نوع من الانفصال عن الدولة مراد به ربما ضرب مسار اللامركزية وتشكيك في جدوى الحكم المحلي، على الرغم من ان هذا المسار يعتبر اهم مكسب دستوري وقانوني للجهات الداخلية المطالبة بالتنمية خلال السنوات العشر الاخيرة.
2- محاولة الإيهام بوجود صلة بين قرار رئيس بلدية القطار وموجة الاعتصامات والاحتجاجات المطالبة بالتشغيل والتنمية في قفصة وعديد المناطق، وهي محاولة بائسة لقلب الحقائق، ذلك ان كل من يعرف المنطقة يدرك حجم الضرر الذي تخلفه شاحنات نقل الفوسفاط على البنية التحتية، خصوصا الطرقات، غير المؤهلة اصلا لتحمل مثل هذه الحركة، خصوصا داخل المناطق الحضرية، فضلا عن مخاطر اخرى تتعلق بحوادث السير وأضرار بيئية لا تطاق، وهو امر لمسته بنفسي باعتباري اصيل منطقة ألحقت بطرقاتها هذه الشاحنات المافيوزية أفدح الخسائر.
أعود الى حقيقة القضية التي تريد المافيات قلبها، واقناع الراي العام بخلافها، وهي التي تجعل رئيس بلدية القطار مصيبا في قراره، رغم توقيته الذي قد لا يكون مناسبا بالنظر الى تزامنه مع الاحتجاجات الاجتماعية في المنطقة:
– أوّلاً: ان نقل الفوسفاط بالشاحنات عِوَض القطار هو اهم مظاهر الفساد وهدر موارد الدولة وتبذير المال العام ودفع شركة الفوسفاط الى خسارة ملايين الدولارات طيلة سنوات، ذهبت الى جيوب قلة من الفاسدين بدل الذهاب الى خزينة الدولة.
– ثانيا: ان نقل الفوسفاط بالشاحنات ليس فقد هدرا مريعاً للمال العام، بل إفلاساً للشركة الوطنية للسكك الحديدية، وضرباً للمؤسسات العمومية وتدميرا للقطاع العام.
– ثالثا: ان نقل الفوسفاط بالشاحنات هو تهديم يومي وتخريب فوري للبنية التحتية من طرقات وجسور صرف على بنائها من المال العام.
– رابعا: ان نقل الفوسفاط بالشاحنات هو خرق فاضح للمنظومة البيئية وتعريض حياة المواطنين للخطر الداهم عبر عشرات المدن والبلدات التي تخترقها هذه الشاحنات يوميا بلا رحمة او شفقة.
– خامسا واخيرا: ان نقل الفوسفاط عبر الشاحنات هو تدعيم للحضور المافيوزي في المشهد العام، وتدعيم لمقاربة “الديمقراطية الفاسدة”.
وبناء عليه فانني لا ارى في قرار رىيس بلدية القطار الا دعما للقطار الذي أوقف عن نقل الفوسفاط وبالتالي دعما لعودة الدولة التي يرمز لها القطار فيما ترمز الشاحنات للمافيا.. واذا كانت المعركة اليوم هي بين الدولة و المافيا، فقد اخترت الوقوف الى جانب القطار.. اي الى جانب الدولة.