د.خالد شوكات: الاسلاميون والحكم؟
د.خالد شوكات
في ايران يتظاهر مواطنون ضد ما يعتبرونه “دولة دينية” تضيّق على الحريات وحقوق الإنسان بحجّة الحفاظ على القيم الإسلامية، ولو وجد السعوديون مجالا للتظاهر لفعلوا كذلك طموحا إلى دولة ليبرالية تسمح للنساء بقيادة السيارة وللمواطنين بانتخاب حكّامهم في دولة تقول أن القرآن هو قانونها الأساسي ودستورها.. وقد حضرت قبل أيام في بغداد ندوة سياسية شارك فيها “زعماء إسلاميون” من أفغانستان، جاء جميعهم لإدانة نظام طالبان والدعوة إلى “دولة إسلامية ديمقراطية”..وفي تركيا قبل الإسلاميون بدولة علمانية ديمقراطية يقودونها منذ عشرين عاما، وبعضهم يقول أن العلمانية هي الأقرب إلى روح الإسلام لأن دولة الخلافة الراشدة لم تكن على أي حال “دولة دينية ثيوقراطية”.. وقد سألني أحد الأصدقاء العرب عن الرئيس سعيد وحربه المفتوحة على الإسلاميين في تونس حماية للدولة المدنية ، فقلت له أن الدستور الذي ساهم الاسلاميون في صياغته، دستور الجمهورية الثانية لسنة 2014، هو الدستور التونسي الوحيد الذي نص على “مدنية الدولة” (الفصل الثاني منه)، وكان دستورا خاليا من أي اشارة مرجعية للشريعة الاسلامية ، بينما ألغى دستور سعيد (دستور 2022) الاشارة الى مدنية الدولة وأدرج “مقاصد الاسلام” كناظم للسياسات العمومية.
وفي حين يعتبر بعض التونسيين أن الشيخ راشد الغنوشي هو “سفاح وقتّال ارواح”، يعتبره كثيرون حول العالم رمزا ل”المسلم الديمقراطي” وتحتفي احدى اشهر الجامعات الأمريكية بترجمة كتابه “الحريات العامة في الدولة الإسلامية” إلى اللغة الانجليزية..
إن مكانة الإسلام في الفضاء العام، وعلاقة الاسلاميين بالحكم، ما تزال منذ شعر المسلمون بالتأخر قياسا بغيرهم قبل قرنين ونيف تقريبا، تمثَل إحدى أهم الاشكاليات المطروحة على الساحات في مشرق الأمة ومغربها، ولا أظنها والاشكاليات المشتقة منها أو ذات العلاقة بها، تتراجع حتى تجيب الأمة عن سؤال التقدّم..فهل بمقدورنا يا ترى مناقشة الأمر على نحو بنّاء لا يتخلّى عن النزعة النقدية، ولكن يتمّ في فضاء القيم الديمقراطية المؤمنة حقّا بالتعددية والنابذة فعلا لكل نزعة إقصائية تقوم على الحقد الايديولوجي والكراهية السياسية؟