4 يناير 2025

د.أحمد القديدي: 2020 أحداث غيرت مجرى التاريخ!

د.أحمد القديدي

يفرض الجرد الأمين لأحداث جسيمة جدت على مدى السنة الماضية على كل راصد أو متخصص في العلاقات الدولية و حركة الحضارة أن يتوج فيروس كورونا على أعلى منصة في التأثير المباشر و العميق في مجرى كل الأحداث بما فيها السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية لأن هذا العدو المجهول والمنسي طيلة قرون فاجأ البشرية جمعاء بانتشاره السريع في القارات الخمسة وبديمقرطية عجيبة وعدل كامل حيث لم يفرق بين أمم فقيرة و أمم غنية و لا بين جنس أبيض مغرور وجنس ملون مقهور!

و الدول لم تكن مستعدة هي الأخرى للتصدي لهذا الوباء فاختلفت ردود أفعال الحكومات من قرار ضرب الحصار على شعوبها إلى الإستهانة بالجائحة ووجدت نفسها أمام خيارين أحلاهما مر إما إعلان شامل أو جزئي لأسابيع من الحجر مع إغلاق المحلات التجارية و المصانع والمطارات و أندية الرياضة و دور العبادة و إما إختيار ترك الناس أحرارا و المراهنة على استمرار الحياة العادية دون ضوابط و بالطبع عكفت الدول ذات التقدم العلمي و الطبي على التسابق والتنافس لإكتشاف دواء للداء أو لقاح ناجع و تحول الجري وراء الدواء واللقاح الى ساحة وغى لتحقيق الأرباح و تراوحت الإكتشافات بين النجاعة العلمية المعترف بها من قبل المنظمة العالمية للصحة و بين أصناف من الشعوذات المضللة حتى أصبح هذا المجال مرتعا للسياسة و الشعبوية على حساب صحة البشرية ولعل ما وصلت اليه المختبرات من لقاحات جدية ثبتت فعاليتها في الحد من انتشار الفيروس هو الأمل الإنساني المشترك للعودة الى حياة يومية عادية بعد وفاة ضحايا الفيروس القاتل! ولم تقف الحياة السياسية مع الفيروس طبعا فكان أبرز حدث غير كل ملامح العلاقات الدولية و فرض تأثيره على كل الدول هو فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن ليكون الرئيس السادس و الأربعين للولايات المتحدة منذ يوم 20 يناير 2021 بعد تسونامي رهيب وعجيب كاد يزلزل الأمة الأمريكية والعالم تمثل كما رأينا على المباشر في اكتساح أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب مقر الكنغرس و هتك ما يمثله من رمزية الديمقراطية الأمريكية وهو أحد أركانها بل أشدها توجيها للسياسات الأمريكية والولايات المتحدة هي إلى اليوم أعظم قوة عسكرية ودبلوماسية و ثقافية في العالم بلا منازع حقيقي.

هذه الأحداث الداخلية إضطرت إدارة الرئيس بايدن الى تحوير العقيدة الأمنية والعسكرية الأمريكية بإعطاء الأولوية لما سماه الرئيس بايدن ب”العدو الداخلي” أي حسب تقرير مجلس الأمن القومي فقد تشكلت في غفلة مريبة من الإدارة السابقة مجموعات متطرفة من اليمين العنصري الأمريكي التقليدي أو المستجد لتتحد فصائلها من أجل تطهير عرقي شامل لعلها وجدت في بعض مواقف الرئيس ترامب عن صواب أو عن خطإ ما يعزز معتقداتها المريضة و انحرافاتها الخطيرة بل و اتخذت منه رمزا لأمريكا البيضاء الإنجيلية المحاربة كما يطمع قادة هذه التيارات المتعصبة العمياء منذ الماضي الأسود لميليشيات (كو كلوكس كلان) في الأربعينات و الخمسينات الى انتشار سريع لوسائل الإتصال الإجتماعي التس وظفها زعماء اليمين لتعبئة رأي عام أمريكي و أوروبي لا يحمل ثقافة كونية القيم و المثل!

و لعل أكثر الأحداث تأثيرا على الصعيد الإقليمي هو بلا منازع بيان العلا الذي أعاد المياه الخليجية الى مجراها الى جانب وساطات السلام التي تقوم بها الدبلوماسية القطرية لإنهاء الحرب الأفغانية الأمريكية ثم اللقاء الثلاثي حول الأزمة السورية بين روسيا و تركيا و قطر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.