1 يناير 2025

د.أحمد القديدي: ماذا جاء في مذكرات أوباما عن الثورة التونسية؟

د.أحمد القديدي

بارك الله في الزميل نوفل سلامة على جريدة الصريح لأنه قرأ لنا ما يهمنا في كتاب (الأرض الموعودة) للرئيس باراك أوباما وهو ما يفند نظرية الأزلام المدعية أن الثورة الشعبية كانت مؤامرة خارجية.

أوباما: ساندنا ثورة شعبية ضد الإستبداد “قيمة كتاب باراك أوباما أنه جاء ليحسم كل الجدل التي يدور حول حقيقة ثورات الربيع العربي وينهي الخلاف والشكوك في ماهية الثورة التونسية التي يحاول البعض التقليل من قيمتها وشأنها بعد أن لصقت بها صفة المؤامرة التي دبرها الغرب وخططت لها الإدارة السياسية الأمريكية للإطاحة بالحكام العرب ومنهم الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي وهي رواية يتبناها اليوم طيف كبير من أنصار دعاة الثورة المضادة والدولة العميقة الذين يعملون جاهدين على استعادة المنظومة القديمة فجاءت شهادته في هذا الكتاب لتعطي للثورة التونسية حقها كفعل حر أنجزه الشعب التونسي من دون تدخل من أي جهة خارجة كانت كان وراءه تضحيات كبيرة قام بها أبناء الشعب التونسي على مدار سنوات طويلة شارك فيه الجميع من كل الأطياف السياسية حتى وصل إلى حدث الثورة بما يعني أن الثورة التونسية كانت نتيجة تراكمات عديدة من النضالات بدأت في الزمن البورقيبي وتواصلت في حكم نظام بن علي الذي عرفت فيه الأوضاع حدا لا يطاق كان متوقعا معها أن يحدث شيئا ما فكان حدث الثورة الذي اندلعت شراراتها يوم 17 ديسمبر 2010 بحرق محمد البوعزيزي بائع الخضار نفسه في حركة عبر بها عن الوجع الذي أحس به والظلم الذي كان مسلطا على المجتمع.

في كتاب أرض الميعاد خصص باراك أوباما حيزا من صفحاته للحديث عن الثورة التونسية ونقل كيف كان التفاعل والتعامل مع ما حصل من أحداث مؤثرة مشيرا إلى أن بلاده لم تتدخل في البداية في مجريات الأحداث وكيف أن القيادة السياسية قد انتابها الذهول والحيرة مما حدث نتيجة عدم علمها بما يجري وكيف أن الأمور قد باغتتهم في البداية وتطلب الأمر وقتا حتى فهموا ما يجري ليكون التدخل الضروري لتوجيه هذه الثورات الوجهة التي تخدم مصالحهم وهي معالجات مختلفة كان التعامل فيها بحسب خصوصية كل بلد.

يقول أوباما “في الاجتماع الذي عقد يوم 25 جانفي 2011 للحديث عن حالة الاتحاد” كنت حائرا إزاء ما سأقوله حول ما يحدث في تونس من أحداث هزت العالم ثم اتخذت القرار الصائب وهو الوقوف إلى جانب الثورة التونسية وقلت حينها إن الولايات المتحدة الامريكية تقف الى جانب الشعب التونسي وتدعم تطلعات جميع الشعوب إلى الديمقراطية ” …. لقد كان العالم وقتها في حالة من الفوضى والإرباك الكبيرين واعترف بأننا قد ارتكبنا أخطاء في التعامل مع ما يحدث من احتجاجات شعبية في عدد من البلدان العربية التي كانت تطالب برحيل رؤسائها وقد حتم علينا هذا الوضع تحقيق الموازنة بين المصالح المتنافسة أن يكون تعاملنا مختلفا من بلد الى آخر وهذا ما يفسر الانتقادات الشديدة التي وجهت إلينا بسبب تشددنا مع مصر وتساهلنا مع البحرين”.

ما نخلص إليه من هذا العرض المقتضب مما جاء في كتاب أرض الميعاد للرئيس باراك أوباما هو التأكيد الذي جاء على لسانه من كون الإدارة الأمريكية قد تفاجأت في البداية من اندلاع الثورة التونسية وأنها لم تتدخل لإقناع الرئيس بن علي للهروب وأن الأمريكان قد ارتبكوا في البداية أمام ما يحصل في المنطقة العربية من احتجاجات شعبية قبل أن تستوعب الإدارة السياسية ما يحصل وتتدخل لتوجيه هذه الثورات الوجهة التي تخدم المصالح الأمريكية بما يعني أن مذكرات أوباما قد نسفت كل النظرية التي ترجع الثورة التونسية إلى مجرد مؤامرة غربية دبرت في المخابر الأجنبية كما نفي أن تكون وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون قد لعبت دورا في اسقاط نظام بن علي حيث كانت مثل غيرها من السياسيين قد فاجأها ما حصل في تونس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Copyright © All rights reserved. | Newsphere by AF themes.