د.أحمد القديدي: (لوموند): قطر جاهزة لكأس العالم الإستثنائي
1 min readد.أحمد القديدي
نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية (أكبر الصحف الفرنسية) تقريرًا، تطرّقت فيه لنداءات المقاطعة الرياضية لمونديال قطر 2022 – احتجاجًا على مزاعم عدم احترام حقوق الإنسان في قطر- والتي على الرغم من الضغوط الممارسة من بعض وسائل الإعلام، وحتى من المواطنين، لم يكن لها أي تأثير على سير الاستعدادات لهذه البطولة في دروة إستثنائية بكل المقاييس و للتاريخ فإن كل تنظيم سابق لكأس العالم في أي مكان من العالم لم يسلم من اتهامات للدولة التي تنظمه و للفيفا التي تشرف عليه وهو ما يشكل ظاهرة تقليدية يصنعها عادة من يعادي توجهات تلك الدولة أو سياساتها أو ينخرط لأسباب متنوعة في صفوف “المنددين” و “المضللين”! وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن قضية “المقاطعة” تعيد إلى أذهاننا الموقف الذي اتخذه نجم المنتخب الفرنسي سابقًا، (ميشيل بلاتيني) في مونديال الأرجنتين 1978 حين كان قائد الفريق الوطني الفرنسي. فمع اقتراب النهائيات، رفض نجم “الزرق” جملة وتفصيلًا فكرة التخلي عن المشاركة في كأس العالم، ورفض هو وزملاؤه في المنتخب السباحة في فلك أولئك “المثقفين اليساريين و الشيوعيين” من أمثال (لويس أراغون) و (رولان بارت) و (مارغريت دوراس)، ممن نادوا بمقاطعة المونديال احتجاجًا على ما سموه أنذاك “انتهاكات نظام الجنرال فيديلا لحقوق الإنسان في ذلك الوقت”.
وبعد أربعة وأربعين سنة من ذلك التاريخ يعيد التاريخ نفسه، إذ أن لاعبي منتخب فرنسا لن يخضعوا لنداءات المقاطعة التي تتعالى أحيانا من هنا وهناك في بعض المدن الفرنسية، وسيسافرون إلى قطر في رحلة عادية بالطائرة لمشاركة عادية في دورة الدوحة مثل جميع الفرق. وأشارت الصحيفة إلى أنه ومع بقاء شهر على بداية البطولة (20 تشرين الثاني/نوفمبر- 18 كانون الأول/ديسمبر)، لن تربك قضية “المقاطعة” استعدادات الدوحة، لكن هذه الأكاذيب الكيدية لن تعرف طريقها للنجاح لأسباب عديدة حيث لا توجد أي دولة حتى الآن، تبنّت الفكرة رسميًا، خاصة وأن هناك الكثير من الرهانات الاقتصادية التي تتم على كأس العالم باعتباره أكبر مشهد كروي عالمي.
وتلفت الصحيفة إلى أن ما يسمى بالمقاطعة “الكلية” – التي تتمثل في إبقاء الفريق أو الرياضيين في المنزل – هي أسلوب تجاوزه الزمن يشير إلى حقبة الحرب الباردة عندما قاطع الاتحاد السوفيتي وحلفاؤه الألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس 1984، ردًّا على قيام الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية بالمثل، قبل أربع سنوات، حين قاطعوا أولمبياد موسكو 1980. وأوضحت الصحيفة أن الأجواء الجيوسياسية لسنة 2022 ليست هي نفسها في ذلك الوقت؛ حين كان (جيمي كارتر) و (ليونيد بريجنيف) يتحادثان عبر الخط الأحمر أي الهاتف المباشر بين البيت الأبيض والكرملين. فالمقاطعة استُخدمت في السبعينيات والثمانينيات، لكنها ظلت منذ ذلك الحين تشكل تهديدًا لفظيا بسيطًا، كما يقول (جان باتيست غويغان)، المتخصص في الجغرافيا السياسية الرياضية. وفي الواقع، لم تأتِ تلك المقاطعات سوى بنتائج عكسية على الرياضة في المعسكرين، ولم تغير من ميزان القوى شيئًا.
وبحسب الصحيفة، فإن الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد هزيمتها في 2010 أمام قطر في سباق الظفر بتنظيم المونديال، كانت في طليعة المعركة القانونية للتنديد بمنح تنظيم المونديال لقطر بطريقة ادعت فيها بعض الأوساط المتطرفة أنها “غير قانونية” حسب مزاعمها؛ ومع ذلك، لم ترق هذه الحملات مطلقًا للتفكير في عدم إرسال منتخبها للمشاركة، والدولة الوحيدة التي حرّكت القضية بنوع من المكابرة و الانفراد بالقرار، هي النرويج، وكان ذلك بدعوة من الأندية والمشجعين ردًا على مزاعم “ظروف العمال المهاجرين التي كشفت عنها مقالة الجارديان في شباط/فبراير 2021، وتم تنظيم تصويت في حزيران/يونيو من نفس العام من قبل الاتحاد النرويجي لكرة القدم خلال مؤتمر استثنائي وهي الدولة اليتيمة التي رغم ذلك لم تنجح في الإساءة للكأس . وبحلول سنة 2022، فشل منتخب النرويج في التأهل لكأس العالم ولم يعد يعنيه هذا النقاش.
ونوّهت الصحيفة بأن منظمة العفو الدولية لم تدع إلى أي مقاطعة، وهو أمر تعرف أنه مستحيل، وتفضل أساليب عمل أخرى أكثر دبلوماسية إن صح التعبير. وخاطبت هذه المنظمة الدولية في رسالة موجهة إلى لاعبي المنتخب الفرنسي “أحضروا الكأس إلى الوطن، و تحلوا بروحَ الوعي السياسي والمدني والبيئي لأبطال العالم وفي هذا السياق، أضاف الممثل الفرنسي (فينسينت ليندون): “لا يحق لدولة أن تطلب من اللاعبين مقاطعة كأس العالم؛ اللاعب حر في تصرفاته، لأنه في نهاية المطاف فنان”. وختمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن إعلان بعض المجالس البلدية في فرنسا، أنها لن تقوم بتركيب شاشات عملاقة لبثّ مباريات كأس العالم هذا الخريف، مما حوّل الموضوع إلى قضية تتداول بجدل لدى مشجعي كرة القدم.
في حين أن البعض قد حسم الأمر بالانضمام الى صفوف الأغلبية الكبرى من الفرق والجماهير الذين ينتظرون بشغف إشارة انطلاق الألعاب في مهرجان سيتوج مجهودات 12 سنة من الإستعدادات و المجهودات التي بذلتها دولة قطر كأول دولة في الشرق الأوسط تحتضن هذه المناسبة العملاقة لتبهر العالم في قاراته الخمسة بدورة إستثنائية و ربما غير مسبوقة.