د.أحمد القديدي: أيها الفاشيون العنصريون في العالم إتحدوا!
د.أحمد القديدي
بعكس التوقعات التي نشرتها أغلب مراكز استطلاع الرأي الفرنسية فإن اليمين العنصري الذي تمثله (مارين لوبان) سقط في امتحان الانتخابات الاقليمية التي جرت يوم الأحد الماضي بينما فازت أحزاب اليمين الجمهوري المعتدل و اليسار الوسطي و (مارين لوبان) هذه هي التي ورثت حزب الجبهة الوطنية و غيرت اسمه الى (التجمع الوطني) عن والدها (جون ماري لوبان) ذلك الضابط المتقاعد الذي خدم ضمن الجيش الفرنسي الاستعماري في الجزائر برتبة ملازم و لازمته عقدة كراهية العرب و المسلمين منذ سنة 1957 حينما كان مكلفا بادارة سجن عسكري هناك و قص علينا في مذكراته كيف كان يتفنن في تعذيب المجاهدين الجزائريين وهو الذي قال في “مذكراته” أنه يتلذذ حين يتمنى أحد المجاهدين الموت على مواصلة التعذيب! مثله مثل الجنرال اللعين (ماسو) الذي ابتكر كذلك في حرب التحرير الجزائرية أساليب التعذيب الوحشية (التي نقلها عنه بتصرف بعض المستبدين الأفارقة بعد استقلال بلدانهم!)
هذه فرنسا بدأت تستعيد عافيتها السياسية و تكذب توقعات مراكز التوقعات لأنها عشوش مأجورة لمن يدفع أكثر تقوم لفائدته بتحويل وجهة الرأي العام نحو اختيار من تقدمه هذه المراكز المشبوهة “فائزا قبل التصويت” و في الولايات المتحدة أيضا نتذكر السقوط “غير المتوقع” للمترشح لعهدة ثانية (ترامب) وهو الذي قالت عنه أشهر نساء الكنغرس رئيسته (نانسي بيلوسي) أنه يمثل الوجه القبيح للتقاليد الدستورية الأمريكية منذ جورج واشنطن (حوار مع قناة سي بي سي 13 يناير 2021) ونعته المفكر الأمريكي عالم الألسنيات (ناحوم شومسكي) بكونه رافع راية الفاشية المنافية للقيم الدستورية (واشنطن بوسط 27 ديسمبر 2020) وهو مثل الفرنسية (مارين لوبان) لم يتقبل الهزيمة بل ارتكب أفدح خطإ شعبوي تمثل في غزوة مقر الكابيتول ليلة 3 يناير 2021 و له يد و دور في تلك الجريمة التي قتل فيها خمسة من مناصريه و رجل شرطة حسب تقرير اللجنة التشريعية التي أدانته سياسيا و أعفته قضائيا.
و نأتي الى سقوط العنصرية الفاشية الإسرائيلية المتمثلة في زعيم اليمين (ناتنياهو) الذي أفقده عدوانه الأخير على غزة منصبه كرئيس للحكومة وهو المنصب الذي تمسك به بالأيدي و الأسنان مدة 12 سنة ليحصنه ضد الملاحقات القضائية التي تتابعه دون هوادة منذ 10 أعوام وهو كذلك لم يقبل الهزيمة مثل زميليه (لوبان) الفرنسية و (ترامب) الأمريكي بل أرغى و أزبد و دعا أعضاء كتلته البرلمانية المتعصبة الى إسقاط حكومة غريمه و منافسه (نافلتي) الذي عين لتشكيل حكومة …
لا تقل تطرفا عن التي انهارت و لكنها ربما اتعظت بدرس السقوط فاستنجدت بالكتلة العربية لاستكمال النصاب المطلوب! سلوك (ناتنياهو) الساقط ديمقراطيا لم يختلف عن ممارسات زميليه الأخرين أي التمرد على حكم الصناديق الاقتراعية و عدم الاعتراف بالهزيمة شأنه شأن كل فاشي.
و نحن العرب لنا في سوريا و ليبيا و تونس نماذج للمتطرفين الفاشيين الذين لا يؤمنون بالديمقراطية التي يرفعونها شعارا شعبويا و ينتهكونها واقعا معاشا. في سوريا 10 سنوات من حرب أهلية مدمرة لم تكف لإقناع بشار الأسد بمغادرة السلطة و ترك أمر البلاد و مستقبلها لنخبة أخرى مختلفة عنه لعلها تنقذ ما تبقى من الشعب السوري المنكوب حسب إحصائيات أممية مستقلة تؤكد أن 100 ألف ضحية فقدوا حياتهم على مدى عقد و أن 4 ملايين سوري تشردوا في أرض الله منهم مليونان في تركيا وحدها و أن نصف مليون لاجئ تحت الخيام بعد أن كانوا أمنين في بلادهم أم العروبة و أيقونة التاريخ الاسلامي بدمشقها و أموييها !
لا شيء من الاعتبار بالمأساة بل تنظيم انتخابات رئاسية و تشريعية منذ أسابيع أعطت (97% للأسد و لا أحد!) مما جعل هذه المسرحية الإنتخابية مهزلة العصر الحديث! و في ليبيا تفاءل العالم بانتصار الديمقراطية بتطبيق قرار مؤتمر جنيف 20/1/ 2020 أي إفراز حكومة توافقية تتولى السلطة مؤقتا الى غاية تاريخ 24 ديسمبر 2021 تحديد انتخابات شفافة و نزيهة بعد مرحلة من استقرار مؤسسات الدولة و استتباب الأمن.
لكن متمردا ليبيا من الضباط المتقاعدين فجر الوضع الأمني الهش و نظم استعراضا عسكريا بأغلبية مرتزقة في حين اتفق الجميع على إجلاء المرتزقة من ليبيا (أخرها مؤتمر برلين 2 منذ أيام) و رفض هذا المتمرد كل ما تم إنجازه من مكاسب و ها نحن قلوبنا مع الشعب الليبي وهو يواجه الفاشية العنيدة ضد إرادة ليبيا و إرادة المجتمع الدولي.
و في تونس تواصل كتلة برلمانية ذات أقلية رفض حكم الاقتراع و تنادي بإسقاط المنتخبين ديمقراطيا و تمارس الخروج عن القانون بالتهريج و التطبيل و اتهام الجميع بالخيانة و العمالة!
نفس السلوك الفاشي المعطل للحريات و لإرادة الشعوب بتحريض يومي من جهات متصهينة لا ترتاح للديمقراطية بل تساعد التمرد و المروق باستئجار القنوات الفضائية و مراكز استطلاع الرأي المدلسة خدمة مجانية لمشروع تصفية القضية الفلسطينية بأداة صفقة القرن المقبورة!.