حافظ قائد السبسي: الثورة في ذكراها العاشرة وعهد الباجي قائد السبسي
1 min readحافظ قائد السبسي
بعد عشر سنوات من الثورة والانتقال الديموقراطي تدهورت الظروف المعيشية للتونسيين وما تزال الديموقراطية هشة والمخاطر تعصف بالبلاد من كثرة التناقضات وقلة الحلول، وذلك عائد لعدة أسباب، ومن أهمها حسب رايي هي عدم الاستقرار السياسي الناتج عن سلبيات القانون الانتخابي المعمول به والذي يجب تعديله في اقرب الآجال، وكذلك بإدخال إصلاحات على النظام السياسي للبلاد. إضافة إلى هذا، فان الدستور الجديد باعتباره الركيزة الاساسية للنظام الديمقراطي، يشير إلى أن السيادة للشعب، ويحدد هوية الوطن ومتطلباته الأساسية في فصله 1 و 2 كمبادئ غير قابلة للتعديل، ولن يكون هذا فعالا الا عندما تكون المحكمة الدستورية سارية المفعول لمراقبة تطبيق دستورية القوانين وغيره حسب الضوابط التي وضعها لها الدستور، وهذا ليس هو الحال الى حد الان، ودون هذه الخطوات سيبقى الوضع مفتوحاً على المجهول غير محمود العواقب…
وبالرغم من عديد القيود والعراقيل والاحداث السياسية التي انجرت عنها خيبة الامل لدى الجميع تقريبا، هناك بالتأكيد تقدم فيما يتعلق بحرية التعبير، فضلا عن الحفاظ على ما تحقق طيلة العقود الماضية من مكتسبات المهمة. لكن بقية النتائج المنتظرة وخاصة منها المتعلقة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي أصبح للأسف في تدهور حاد، تكاد تكون منعدمة تماما وذلك بسبب نقص الرؤى وغياب الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية اللازمة والتي لا مفر من تنفيذها.
اذكر ان الانتفاضة الشعبية “ثورة الياسمين” كانت نتيجة مزيج كيميائي قاتل من الفقر والبطالة وغلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية والحرمان والقمع السياسي والتعسف البوليسي والإقصاء والظلم والاستبداد حتى وصل الأمر إلى الاختناق الكلي والرفض ثم الانفجار.
وفي الحقيقة كانت هذه هي خصائص معظم المجتمعات العربية، فلمّا اشتعلت شرارة الثورة في تونس سرعان ما تسللت مخلفاتها عند الأشقاء، ذلك أن نفس الأسباب عادة ما تنتج نفس المشاكل ولها غالباً نفس التأثيرا…
لقد كان من المفترض أن تكون هذه الثورة ثورة الشباب ، حاملة الأمل الذي يمكنهم من تحقيق أحلامهم و تقرير مصير أفضل، لكن بعد عشر سنوات تبدو خيبة أمل الشباب في أوجها، ويا للأسف.
تقف تونس اليوم على مفترق الطرق ، لا حول لها ولا قوة في مواجهة التشاؤم المتفاقم وخطر الشلل الذي يهددها يوما بعد يوم ، حيث لا تزال بلادنا لا تزال في مأزق الى الان، غارقة في مشاكل ثانوية بعيدة كل البعد عن المطالب التي قامت الثورة من اجلها، كما هي بعيدة عن الواقع الصعب الذي يعيشه الشعب التونسي، الذي يتطلّع إلى دولة قوية، دولة قانون ومؤسسات، دولة وظيفية تحميه وتهتم بحياته اليومية من خلال إعطاء الأولوية لانتظاراته وحاجياته الأساسية وذلك بالطبع دون الوقوع مرة أخرى في مخاطر الدكتاتورية أو سيناريوهات الدولة المارقة.
وحتى يكون هذا ممكنا، فإنه من الواجب المبادرة حالا وبدون تأخير إلى إطلاق الحوار الذي كثر الحديث عنه في المدة الأخيرة ، على أن هذا الحوار يجب ان يكون جامعا بالأساس ومخرجاته متطابقة مع متطلبات المرحلة والنأي به عن الصراعات الحزبية والتجاذبات.
ومع كل ذلك، فاني أظلّ متفائلا و سابقى متفائلا، لأني واصق تماما في شبابنا و نسائنا وفي عموم شعبنا الأبي …و سوف نجد جميعا – ولو بعد حين- القدرة و القوة و العقلانية لتدارك الوضع وتجاوز الأزمة، طال الزمن أم قصر، فتونس غالية و عزيزة علينا جميعا ولن نفرط فيها أبدا، وذلك هو العهد الذي قطعناه على أنفسنا، منذ تصدَّى الزعيم الباجي قائد السبسي رحمه الله لمهمته التاريخية التي هيّأه الله للقيام بها، في استكمال الاستقلال بالديمقراطية وتحويل المسار الثوري الى مسار للانتقال الديمقراطي نال إعجاب العالم وتقديره، وإنا لهذا العهد لحافظون، إن العهد كان مسؤولا.