المعهد العربي للديمقراطية: فض النزاعات البلدية والقيادة المدنية وإحياء اللحظة الأندلسية
سناء(مدللة( بنضو
*المديرة التنفيذية للمعهد العربي للديمقراطية
واصل المعهد العربي للديمقراطية خلال الربع الأخير من السنة الحالية سلسلة أنشطته المدنية لصالح عشرات نشطاء المجتمع المدني التونسي والعربي، وفي مختلف ربوع الجمهورية جنوبا ووسطا وشمالا، وذلك رغم الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، خصوصا منذ الاعلان عن إجراءات 25 جويلية التي وضعت تونس في حالة خاصة، أثرت بعمق على الحياة العامة وزرعت المثير من مشاعر الخوف والترقب والتردد، وهو ما استدعى من ادارة المعهد بذل جهود اضافية في إقناع الداعمين او المشاركين بضرورة مواصلة المجتمع المدني لوظائفه الطبيعية، والمضي قدما في استكمال مسار الانتقال الديمقراطي.
وقد تنزلت أنشطة المعهد وفعالياته وفقا لمحاور عمله وأولوياته المعتادة، كالآتي:
أولاً: محور الحكم المحلي واللامركزية الموسعة:
فقد نظم المعهد ضمن هذا المحور، وفي سياق مشروعه في الحكم المحلي الموسوم ب”فض النزاعات البلدية”، أربع دورات تدريبية من يوم واحد لصالح المستشارين البلديين والفاعلين المحليين في اربع بلديات تونسية، هي مدينة برقو في 22 اكتوبر 2021، وجزيرة جربة يوم 5 نوفمبر 2021، ومدينة المهدية يوم 19 نوفمبر 2021، واخيرا مدينة اريانة يوم 4 ديسمبر 2021.
وقد تضمن محتوى الدورات على حصص في التقنيات السياسية والقانونية لفض النزاعات فضلا عن اخرى خصصت لتطوير مهارات الاتصال والتواصل، للمشاركين الذين بلغ عددهم 111 شابة وشابة ينحدرون من مختلف أقاليم وجهات البلاد التونسية، تسعون بالمائة من بينهم أعمارهم بين 20 و40 عاما.
وقد ساهمت الخبيرة الدولية في مجالات الحكم المحلي والتنمية البشرية في تأطير هذه الدورات، بمساعدة الطاقم الاداري والتربوي للمعهد، وذلك بالتعاون مع عدد من الجمعيات الناشطة على المستوى البلدي والمحلي.
ثانيا: محور الدولة المدنية:
حيث نظم المعهد في إطار فعاليات الموسم الرابع لأكاديمية الدولة المدنية، المشروع الرائد محل الشراكة مع مؤسسة هانس سايدل الألمانية، دورتين تدريبيتين في جزيرة جربة وولاية المهدية حول “التربية على القيادة المدنية” شارك فيها ما يزيد عن الخمسين شاباً وشابة مثلوا إقليمي الجنوب والوسط، وساهم في التدريب ثلاثة من خيرة خبراء المعهد في المجال، الاستاذ مهدي عبد الجواد والأستاذ بثينة الورغي والأستاذ فخر الدين المانسي.
وقد تضمنت الدورتان على امتداد ثلاثة ايام لكل منهما، موادا حول المهارات القيادية المدنية وتقنيات الاتصال والتواصل وثقافة المبادرة الحرة ولمحة عن مشاريع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
ثالثا: محور التنمية الحضارية:
فبالشراكة مع الاتحاد الدولي للمؤرخين وعدد من منظمات الأكاديمية والمدنية، ساهم المعهد العربي للديمقراطية في تنظيم مؤتمر علمي بمدينة الحمامات حول “الأندلس مسارات التاريخ والحضارة”، وذلك خلال الفترة من 26 الى 28 نوفمبر 2021، وبمشاركة ما يزيد عن عشرين باحثين من عديد الدول العربية كالعراق وليبيا والمغرب وتونس، وبحضور شخصيات وطنية بارزة في مقدمتهم الدكتور خالد شوكات الوزير السابق ورئيس المعهد العربي للديمقراطية والدكتور عبد اللطيف عبيد الامين العام المساعد السابق للجامعة العربية ووزير التربية الأسبق، والمؤرخ الكبير الاستاذ الدكتور عبد الجليل الامين الذي جرى تكريمه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر.
وخلال كلمته الافتتاحية توقف الدكتور خالد شوكات عند جملة من النقاط الهامة حول موضوع المؤتمر لعل أهمها:
* أن علينا ان نهتم بالتاريخ لاجل المستقبل
* أن اللحظة الأندلسية هي احدى اهم اللحظات المضيئة في تاريخ الحضارة العربية الاسلامية وعلينا الاستفادة منها قدر الإمكان
* أن الحضارة الأندلسية اكبر من الأندلس (حيث فيضانها لفائدة الانسانية شمالا وجنوبا)
* أن عودة الموريسكيين ممكنة واعتذار الاسبان ضروري
* أن الهجرة الأندلسية إلى تونس أثرت البلاد وأنقذت الاقتصاد
* أن سؤال لماذا تخلف المسلمون وتقدم غيرهم ما يزال مطروحا ومحاولة الإجابة عنه متواصلة منذ سقوط الأندلس الى اليوم.
* أن الثلاثي الاندلسي: ابن رشد/ ابن عربي/ ابن خلدون ما يزال الأكثر عمقا وتاثيرا في الفكر العربي الاسلامي
* أن استئناف اللحظة الأندلسية تقتضي التمسك بافكار الاصلاح والتجديد .
نعي الدكتور زهير شمة:
وأخيرا وببالغ الحزن و الأسى ينعى المعهد العربي للديمقراطية أحد الأصدقاء الأفاضل الدكتور زهير شمة مدير المدرسة العراقية بتونس ، الذي انتقل الى جوار ربه صبيحة يوم 04 ديسمبر 2021 بالعراق بعد عودته من تونس . وقد كان المرحوم أحد المشرفين على المؤتمر البحثي الأخير”الأندلس مسارات التاريخ و الحضارة ” و كان نعم الناشط المتفاني في خدمة العلم و المعرفة و الإنسانية
و بهذا المصاب الجلل تتقدم إدارة المعهد و أمانته العامة بالتعازي الخالصة إلى عائلته و طلابه و زملائه بتونس و العراق، سائلين الله أن يتغمده برحمته الواسعة.