الزعيم عبد العزيز الثعالبي يقود الإصلاح ويؤسس الحزب الدستوري
1 min readمحمد الصادق عبد اللطيف
الزعيم بعد العزيز الثعالبي، اسم يستمد مكانته من منزلة علمية ونضالية فائقة الحضور هو مصلح بأتم معنى الكلمة وهو أحد رواد الإصلاح في تونس- ويشبه في حضوره وفي تفكيره الشيخ عبد الحميد ابن باديس، وأنه كان يرى أن مصدر التشريع في الوطن العربي والإسلامي يجيب أن يكون إطاره الأساسي الثقافة الإسلامية المتنورة. وأنه أحد أعلام جامع الزيتونة، وقد كان ضالعا في القضايا السياسية، ولم يكن يرى فرقا بين الدين والسياسة فكلاهما نضال وصدق وتضحية وحضور.
كان يرى أن الدين جاء للإصلاح، إصلاح شؤون الناس وإدارة حياتهم- ولم يكن الثعالبي محمد زعيم سياسي بل كان مصلحا اجتماعيا ودينيا، وكان في هذا المنحى متأثرا بمحمد عبده وبمحمد رشيد رضا بعد أن اطلع على فكرهما عندما أقام في مصر غداة نفيه عن قتل السلطات الاستعمارية، في تونس يومئذ، وتمكن من ملامسة الهم العربي والإسلامي من خلال تنقله بين مصر وبغداد (مدرسا للفلسفة) وفلسطين واليمن- وقد أكسبه هذا التحول المزيد من التجارب خصوصا في مجال آليات الحركة الإصلاحية ورواد حركة التنوير في المشرق العربي.
لقد ركز الشيخ الثعالبي اهتماماته بالإصلاح، إصلاح المجتمع الإسلامي وتجديد الفكر الديني الملائم لواقع الأمم الإسلامي في إصلاح العقيدة وتخليص الدين من كل ما علق به من الخرافات والأوهام ونبذ البدع المنافية للقرآن وللسنة المطفره ومقاومة الطرق الصوفية.
اهتم أيضا بإصلاح المجتمع الإسلامي وذلك بتحرير المرأة المسلمة:
1) فدعا إلى تعليم البنت وخلع الحجاب والوقوف ضد تعدد الزوجات، ولم يغفل عن إصلاح التعليم والمناداة بتجديد المناهج التعليمية وأدوات التدريس والعلوم الصحيحة خاصة، والإسلام تبنى تلك العلوم وانشغل العلماء بها.
2) إلى ضرورة تعميم التعليم ونشره في مختلف قرى الوطن.
3) إصلاح النظام الاجتماعي على مبادئ العدل والحق والإنصاف في الحرية والمساواة.
4) محاربة الربا المضر بعقلية المجتمع وذلك بالتمسك بالنص القرآني.
لقد ترك الشيخ الثعالبي ذخرا ثقافيا متمثلا في كتبه:
1) روح التحرر في القرآن (عربه المرحوم حمادي الساحلي) ونشره سنة 1985، (هو في الأصل بالفرنسية).
2) محاضرات في تاريخ المذاهب والأديان (1985).
3) خلفيات المؤتمر الإسلامي بالقدس.
4) محاضرات في الفكر الإسلامي والفلسفة 1999.
5) تونس الشهيدة 1914 (نشر بالفرنسية).
6) تاريخ شمال أفريقيا (8 أجزاء).
7) معجزة محمد (في السيرة النبوية 1938).
ما يلاحظ في كتاب “تونس الشهيدة” أن هذا الكتاب ضم في جزئه الأول: مقارنة بين وضع البلاد قبل الحماية وبعدها مبررا اضطهاد السكان وقمعهم من قبل سلطات الحماية، ويضم الجزء الثاني مطالب التونسيين وأهميتها.
بداية الوعي بقضية الوطن
لم يقبل التونسيون نظام الحماية فأخذ الشباب يؤسس الجمعيات الثقافية ويؤسسون لمشاريع إصلاحية اجتماعية وسياسية، عززت بطبقة أنشأت نواة الحركة الوطنية واستخدمت الصحافة التونسية الشباب وتحسيسيه لمشاكل الوطن وهمينة المستعمر، إلى مرحلة ثانية اتخذت هذه الحركة طابعا ثقافيا، أسسوا الجمعية الخلدونية لتكون طوت النضال الوطني ضد الاستعمار بدءا بتقصير التعليم الزيتوني وتكوين الطلبة علميا وسياسيا وتوسيع آفاقهم المعرفية والعلمية بإلقاء محاضرات ثم تدعمت بإنشاء جمعية قدماء تلاميذ المدرسة الصادقية لتعزيز الجانب النضالي الحداثي، كان هدفها الأساسي بث الأفكار العصرية ونشر التعليم.
ظهرت حركة الشباب التونسي التي قام بها البشير صفر وعلي باش حانبة التي اتخذت جريدة “التونسي” صحيفة رسمية كانت تدعو إلى الإصلاحات السياسية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية، ولعل الأحداث التي ظهرت وحركت الساحة الوطنية وقد بدأت في تغيير المسار الصحفي في نشر الأفكار والتعريف بالمطالب الوطنية، في تخليص الوطن وتكوين حس وطني ثابت، في الدعوة الخفية والظاهرة إلى ثورة فكانت واقعة الجلاز سنة 1911 من مخلفات الحرب العالمية الأولى على تونس وهنا ظهرت بوادر ظهور حركة وطنية علانية حول جريدة “التونسي” التي تنقل الأحاسيس الوطنية في تغيير نظام الحكم وتحقيق مطالب الشعب التالية التي أعلنها الحزب الحر الدستوري التونسي (اللجنة التنفيذية) سنة 1920. بادر الحزب بالتحرك محليا ودوليا (إرسال وفد إلى فرنسيا مؤلفا من المحامي أحمد الصافي ومصباح الباهي والبشير البكري والبشير عكاشة وصالح بلعجوزة لتقديم مطالب الشعب التونسي:
1) بعث حكومة وطنية.
2) إنشاء مجلس نيابي.
3) توظيف المواطن في الإدارة.
4) المساواة في مرتبات الموظفين.
5) إحداث بلديات لتعمير المدن والقرى.
6) توزيع الأراضي الدولية على التونسيين.
7) حرية التعبير في الصحافة.
8) التفريق بين السلط الثلاث.
تأسيس الحزب الحر الدستوري التونسي
عند ابتداء الانفراج في مجال الصحافة ظهرت بوادر سياسية ذات أبعاد كبرى وقد ضمت شيئا فشيئا قدماء حركة الشباب التونسي وغيرهم من السكان المتطلعين للحرية وتحرير الوطن، بعد لقاءات واجتماعات انطلق الحضور الذي توسعت مشاركته يوم 14 مارس 1920 انتظم اجتماع مضيق في منزل المرحوم علي كاهية في نهج الباشا بتونس العاصمة وهناك أعلن عن تأسيس هذا الحزب وسميت هيئته باللجنة التنفيذية وقد صحب هذا الإجماع بضرورة الإعلان ر سميا عن ظهور حركة حزبية تدعو إلى تخليص الوطن من براثن الاستعمار، أدى حضورهم إلى تأسيس هذا الحزب على وقع اليمين على المصحف، أداؤه يعين لا رجعة في النضال.
لقد تألفت الهيئة التأسيسية الفاعلة من:
1) عبد العزيز الثعالي: رئيسا.
2) أحمد الصافي: أمين عام.
3) صالح فرحات: أمين عام مساعد.
4) محمد صالح خناشي: أمين المال مساعد.
5) حمودة المستيري: أمين مال.
الأعضاء:
6) محي الدين القليبي.
7) الشاذلي خزندار.
8) الطيب الجميل.
9) أحمد توفيق المدني.
10) علي كاهية.
11) المنصف المستيري.
تلك هي الصورة المرجعية في تأسيس الحزب وظروفه وبدايات نضاله قبل الاندساس فيه والثقافة والاستيلاء على اسمه وهنا يبدأ الصراع والتصفيات ثم الاستيلاء عليه في 7/11/1987 وأخيرا حله إلى الأبد بعد الثورة في سنة 2011.
المراجع:
1) محمد فروخ. وثبة المغرب 1957 (لبنان).
2) إحسان حقي. تونس العربية (بيروت).
3) جماعي، تحرير الشعوب المستعمرة (كتاب مدرسي).
4) البشير الشريفي (تاريخ تونس الحديث 1981).