الدكتور المختار بن اسماعيل: لشهر رمضان منزلة وأبعاد دينيّة وعلميّة كبيرة.
-
استفاد الطبّ الحديث من الصّوم واستثمر مميّزاته ضمن علاجات خاصّة.
-
الظروف الاستثنائيّة النّاجمة عن جائحة كورونا تفرض على الصّائم تعاملا حذرا يؤمّن السّلامة من العدوى.
-
ينصح تلقّي التلقيح ضدّ كورونا خلال شهر رمضان في الليل بعد الإفطار.
حاوره : عبد السّلام لصيلع
الدكتور المختار بن إسماعيل طبيب تونسي مختصّ في أمراض الجهاز الهضمي وعلم المناعة .. وهو بالإضافة إلى ذلك أستاذ جامعي في معاهد التّغذية والتّمريض .. اضطلع بخطّة نائب أوّل لعمادة الأطبّاء التّونسييّن وأمين عام مساعد لاتّحاد الأطبّاء العرب ومن المؤسّسين للجمعيّة التونسيّة لأمراض الجهاز الهضمي.. وهو كذلك كاتب وشاعر وروائي معروف ، نشر الكثير من الدراسات الطبّية وأصدر العديد من المجموعات الشعريّة والرّوايات والكتب العلميّة نذكر منها كتابه : ” رمضان الكبير ” وكتابه ” اعتماد النّصح للصّيام الصّحّي ” ، وسيصدر له قريبا كتاب جديد عنوانه ” رأي العلم والدّين في معضلة التّدخين ” ضمن اهتماماته بالثّقافة الصّحية.
بمناسبة شهر رمضان المعظّم التقت ” المصير” الدكتور المختار بن إسماعيل وسألته عن مسائل تهمّ الصّائم في هذا الشهر الفضيل في زمن جائحة كورونا لنعرف آراءه ونصائحه في الحوار الآتي :
- ما هي مكانة شهر رمضان المعظّم في الحضارة العربية الإسلامية والحضارات الإنسانية الأخرى ؟
- يعتبر شهر رمضان لدى المسلمين من العرب من أوكد التعاليم التي جاء بها الإسلام، بل هو ركن هام من بين الأركان الخمسة التي بني عليها هذا الدين الحنيف إلى درجة أن القناعة بأدائه تندرج ضمن إيمان ثابت. فالمسلم الملتزم بالطقوس الدينية يخضع في صومه لكل التعاليم والأهداف التي جاء لأجلها ويحرص على التعلق بأدائه كغريزة في البدء ثم كعقيدة أعمق من بقية الفرائض الأخرى من صلاة وزكاة وحج. إلا أن ممارسة هذا الفرض قد تؤول لدى حضارات إنسانية أخرى إلى عادات اجتماعية يفرضها التطلّع إلى انسجام عائلي أو محاباة ظرفية أو تحاش للانتقادات.
- وما هي منزلة هذا الشّهر المبارك في الدّين والعلم بالنّسبة إليك كطبيب مؤمن ؟
- بخصوص منزلة شهر رمضان دينيا، فعلاوة عمّا يتّسم به الصوم خلاله من فرْضٍ إجباري، له مواقيته المحدّدة وشروط أدائه الموثّقة مع ما يصحبها من رخص مقنّنة تؤمّن الصحّة لمتعاطيه، وما يترتب عن أدائه أو عدمه من مكافآت، فمنزلة هذا الشهر تتعزّز بما رافقه من تنزيل للقرآن ومن توافد جماعي على المساجد. وبخصوص ما يمثله شهر الصيام، من أبعاد علمية كبيرة فهو يتنزّل بمثابة اختبار يمكن بعض أعضاء الجسم من الراحة لتوفير الطاقة التي يستوجبها استئناف نشاط البدن من جديد، كما يمكّن أعضاء أخرى كالكبد والكلى من تطهير الجسم من رواسب الأغذية، كما تتمكن أجهزة أخرى من تعديل قيمة العناصر الغذائية في الجسم متى اختلّت نسبها. وقد استفاد الطب الحديث من خصائص الصّوم واستثمر هذه الميزات وحشرها ضمن علاجات خاصة.
- ما هي الفوائد والوظائف الصحّية للصيام التي توصّل إليها الطبّ الحديث في العالم ؟
- بعض ما أوردناه عن أبعاد الصوم العلمية جعلت بعض الاختصاصات الطبية تشتغل على ما يوفره الصوم من نفع ضمن برامج مستحضرة بغاية تخفيض الوزن أو تنشيط بعض الغدد المصابة بالقصور أو لحدّ بعض الأجهزة من إفراط في القيام بوظائفها.
- حسب خبرتك الطّبيّة والعلميّة كيف يستطيع الصّائم في شهر رمضان أن يتعامل مع جائحة كورونا ؟
- الظروف الاستثنائية الناجمة عن جائحة كورونا تفرض على الصائم تعاملا حذرا يؤمن السلامة من العدوى وذلك باحترام التباعد الجسدي داخل بيوت الصلاة وتحاشي الاكتظاظ في الأسواق وتقليص الالتفاف حول موائد الافطار وتجنب الاختلاط الضيق ضمن التظاهرات الاحتفالية والالتزام بقرارات الحجر الصحي مع السعي لتعاطي الرياضات الفردية في مساحات محدودة.
- وهل هناك مخاطر وسلبيّات معيّنة على الصّائمين عند التلقيح ضدّ كورونا في رمضان ؟
- خلال التلقيح ضد الكورونا يراعى الحذر لدى المصابين بالأرجية أو من لديهم اضطرابات تعيق تخثّر الدّم، كما ينصح بتلقي التلقيح خلال شهر رمضان في الليل بعد الافطار لتحاشي اغماءات هبوط السكري لدى الصائم.
- ما هي النّصائح التي تريد أن تتوجّه بها إلى كلّ صائم في الظّروف الصحيّة الحالية ؟
- ما يشغلني في هذا الظرف ونحن نستعد لاستقبال رمضان يقتضي التنبيه لما يحيط بالصحة عامة من إخلالات أهمّها: الالتزام بزيارة الطبيب المباشر قبل الشروع في الصوم . احترام التعامل السليم مع الأدوية كما وكيفا مع مراعاة التوقيت الموصوف لاستعمالها، توخي الانضباط في تعاطي الحمية وعدم الإسراف في الطبخ وتجنب التبذير ، استغلال فرصة الصوم للإقلاع على الإدمان ، تناول السحور واجب مؤكد مع إرجائه إلى آخر وقت ممكن ، تناول المقليات لعسر هضمها غير محبذ، يجب الإكثار من شرب الماء ، تحاشي جمع عناصر غذائية من نفس الصنف ضمن نفس الوجبة، اتقاء الانزلاقات الغذائية كتناول الدهنيات والمشروبات الغازية والمملحات المثيرة للعطش. و مما تفرضه ظروف الجائحة الفيروسية الحالية ننصح بالالتزام بالنصائح العامة كالتباعد الجسدي في كل التجمعات والغسل المفروض على اليدين كلما استوجب الأمر ذلك على أن يظل استعمال المعقمات شاغلا في كل المناسبات ويطال كل ما نستغله من أغذية وما نستعمله من أوان.
- هل من كلمة أخيرة ؟
- وأختم تدخلي بالرجوع إلى قولة النبي صلى الله عليه وسلم “صوموا تصحوا ” إذ هي تعبّر عما يتجسّد في الصوم من سلامة بدنية، بدليل ما أتى به من سلوك غذائي سليم بأن يفطر على شرب ماء وأكل تمرات وهو الذي قال “إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة فإن لم يجد تمرا فالماء فإنّه طهور” ويؤجل العشاء إلى وقت وجيز آخر. و سلامة أخلاقية بدليل ما نصح به الصائمين في قوله”إذا أصبح أحدكم صائما، فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم”.